المراحل العشر للإبادة الجماعية

tutsiID

غريغوري ه. ستانتن، رئيس منظمة مراقبة الإبادة الجماعية

التصنيف   الترميز   التمييز   التجريد من الإنسانية

التنظيم   التباعد   التحضير   الاضطهاد   الإفناء   الإنكار

 

الإبادة الجماعية عملية تتم على عشر مراحل، وفي حين يمكن التنبؤ بهذه المراحل إلا أنها ليست حتمية، إذ يمكن في كل مرحلة اتخاذ تدابير وقائية لإيقاف هذه العملية. ولا تسير العملية المذكورة في خط مستقيم، إذ يمكن أن تحدث مراحلها بشكل متزامن. ومن المنطق طبعًا أن تأتي المراحل اللاحقة بعد المراحل المبكرة، ولكن كل المراحل تظل جارية طيلة فترة العملية.

1. التصنيف:

تنطوي كل الثقافات على فئات تميّز الناس ما بين “نحن” و”هم”، سواء على أساس الإثنية أو العرق أو الدين أو الجنسية: كالألمان واليهود، وقبيلتَي الهوتو والتوتسي. إلا أن احتمالات حدوث الإبادة الجماعية تبلغ أوجها في المجتمعات الثنائية التي تفتقر إلى الفئات المختلطة، على غرار رواندا وبوروندي. لذلك فإن أهم تدبير احترازي يمكن اتخاذه في هذه المرحلة المبكرة هو تطوير مؤسسات عالمية بطابعها ونطاقها تعمل على الترفع عن الانقسامات الإثنية أو العرقية وتشجع بفاعلية على التسامح والتفاهم إلى جانب تعزيز التصنيفات التي ترقى على الانقسامات. وهذا دورٌ كان يمكن للكنيسة الكاثوليكية أن تؤديه في رواندا لو لم تكن هي نفسها مصابة بالانقسامات الإثنية نفسها التي يعاني منها ذاك البلد. في المقابل، كان من شأن تعزيز اللغة المشتركة في عدة بلدان مثل تنزانيا أن يسهم في تشجيع الهوية الوطنية المترفّعة. من هنا يعتبر البحث هذا عن قواسم مشتركة جوهريًا للوقاية المبكرة من الإبادة الجماعية.

2. الترميز:

ويعني أننا نطلق الأسماء أو الرموز على الفئات التي نصنّفها، فنسمّي الناس بـ”اليهود” أو “الغجر”، أو نميّزهم حسب لونهم أو لباسهم، ونطبّق الرموز كذلك على أفراد الجماعات. والجدير بالذكر أن التصنيف والترميز هما أمران يفعلهما البشر في كل العالم ولا يؤديان بالضرورة إلى الإبادة الجماعية إلا إذا نتج عنهما التجريد من الإنسانية. وحينما اقترنت الرموز بالكراهية، قد تُفرض على أفراد الجماعات المنبوذة رغمًا عنهم، على غرار النجمة الصفراء التي رُمز بها إلى اليهود في ظل الحكم النازي، والوشاح الأزرق الذي أشير به إلى أهالي المنطقة الشرقية في كمبوديا في ظل حكم الخمير الحمر. ويمكن مكافحة ظاهرة الترميز من خلال وضع القوانين التي تحظر استخدام الرموز النامّة عن الكراهية (الصليب المعقوف) وكذلك الخطابات المفعمة بالكراهية. وكذلك يمكن منع العلامات الدالة على الانتماء إلى مجموعة معينة على غرار اللباس الخاص بالعصابات أو عادة تخديش الجلد القبائلية. لكن المشكلة هو أن الضوابط القانونية ستبوء بالفشل إذا لم يرافقها تطبيق ثقافي في صفوف الشعب. فقد كانت كلمتا “هوتو” و”توتسي” مثلاً محظورتين في بوروندي حتى ثمانينيات القرن العشرين، إلا أنهما استُبدلتا بكلمات رمزية. لذلك فإن رفض الترميز قد يشكل أداةً قوية إذا لقي دعمًا واسع النطاق، تمامًا كما حصل في بلغاريا حيث رفضت الحكومة توفير كمية كافية من الشارات الصفراء ولم يضعها 8% على الأقل من اليهود، الأمر الذي جرّد النجمة الصفراء من مفهومها كرمز نازي لليهود.

3. التمييز:

وهو أن تقوم مجموعة مسيطرة باستخدام القانون والعادات والسلطة السياسية لحرمان مجموعات أخرى من حقوقها، ومن الممكن ألا تُمنح المجموعة الضعيفة كامل حقوقها المدنية أو حتى الجنسية. المجموعة المسيطرة تقاد من قبل إيديولوجية إقصائية تحرم المجموعات أقل قوة من حقوقها. وتشجع الإيديولوجية الاحتكار أو توسيع القوة على يد المجموعة المسيطرة وتشرعن إيذاء الجماعات الأضعف. دعاة الأيديولوجيات الإقصائية غالبا ما تكون شخصيات جذابة، معربين عن استياء أتباعهم، وجاذبين الدعم من الجماهير. وتشمل الأمثلة عن ذلك قوانين نورمبرغ التي صدرت في ألمانيا النازية في العام 1935 وجرّدت اليهود من جنسيتهم الألمانية ومنعت توظيفهم في الإدارات الحكومية والجامعات. ومثال آخر هو حرمان أقلية الروهينغيا المسلمة في بورما من الجنسية. في هذا الإطار، تعني الوقاية من التمييز تمكين كافة الأفرقاء في المجتمع من المشاركة الكاملة في الحياة السياسية ومن التمتع بحقوق الجنسية. ولذلك يجب حظر التمييز على أساس الجنسية أو الإثنية أو العرق أو الدين في القوانين، ويجب أن يكون للأفراد الحق في مقاضاة الدولة والمؤسسات والأفراد الآخرين عند انتهاك حقوقهم.

4. التجريد من الإنسانية:

وهو أن تنفي مجموعة معينة صفة الإنسانية عن مجموعة أخرى، بحيث يُسوّى أفراد هذه الأخيرة بالحيوانات أو الهوام أو الحشرات أو الأمراض، كما يؤدي تجريد البشر من صفتهم الإنسانية إلى تخطي الشعور الإنساني الطبيعي بالنفور من القتل. في هذه المرحلة، تستخدم المنشورات الدعائية والإذاعية التي تحث على الكراهية من أجل الحط من قدر المجموعة المستضعفة. ويتم تدريس مجموعة الأغلبية ينظرون بأن المجموعة الأخرى أقل من الإنسان، بل وغريب عن مجتمعهم. فضلا عن ذلك يتم تلقينهم باعتقاد بأن “نحن أفضل بدونهم.” يمكن للمجموعة العاجزة أن تصبح مسلوب الشخصية بحيث يتم إعطاءهم أرقام بدلا من الأسماء، كما كان اليهود في معسكرات الموت وتم مساواتهم مع القذارة، والنجاسة، والفجور. خطاب الكراهية تملأ الدعاية للإذاعة الرسمية والصحف والخطب.

ولا بد من الإشارة في إطار مكافحة ظاهرة التجريد من صفة الإنسانية إلى أنه لا يجوز الخلط بين التحريض على الإبادة الجماعية وحرية الرأي والتعبير العلني. فالمجتمعات المعرضة للإبادات الجماعية تفتقر إلى الحماية الدستورية اللازمة لإبطال قوة الخطابات، ولا بد من التعامل معها بشكل مختلف عن المجتمعات الديمقراطية. ويجدر كذلك بالقادة المحليين والدوليين أن يدينوا استخدام خطابات البغض والكره وأن يجعلوها أمرًا غير مقبول من الناحية الثقافية. أما القادة الذين يحرضون على الإبادة الجماعية فيجب منعهم من السفر الدولي وتجميد أموالهم المودعة في المصارف الأجنبية. ولا بد أيضًا من إقفال محطات الراديو وحظر الدعاية التي تحرض على الكره، بالإضافة إلى المعاقبة على جرائم وفظائع الكره على الفور.

5. التنظيم:

دائمًا ما تكون الإبادة الجماعية منظّمة، بالعادة من قبل الدولة، وتستخدم الميليشيات لارتكابها في غالبية الأحيان من أجل التمكن من نفي مسؤولية الدولة عنها (ميليشيا الجنجويد في دارفور). وفي بعض الأحيان، يتم التنظيم بشكل غير رسمي (العصابات الهندوسية التي يتزعمها مقاتلون محليون من “جمعية المتطوع الوطني”/راشتريا سوايام سيفاك سانغ RSS) أو لامركزي (التنظيمات الإرهابية)، وغالبًا ما يتم تدريب وتسليح وحدات عسكرية خاصة من الجيش أو الميليشيات، كما توضع الخطط لارتكاب عمليات القتل والإبادة الجماعية. يتم تستر أعمال الإبادة الجماعية كمكافحة التمرد إذا كان هناك صراع مستمر بالسلاح أو حرب أهلية. بدأ عصر “الحرب الشاملة” في الحرب العالمية الثانية. لم تفرق قنابل حارقة المدنيين من غير المقاتلين. الحروب الأهلية التي اندلعت بعد نهاية الحرب أيضا لا تفرق المدنيين من غير المقاتلين إلا أنها تسبب جرائم حرب واسعة النطاق. فأصبحت عمليات الاغتصاب الجماعي للنساء سمة من سمات كل جرائم الإبادة الجماعية الحديثة. تدفق الأسلحة إلى الدول والميليشيات (غالبا ما تنتهك حظر توريد الأسلحة الأممية) تسهل أعمال الإبادة الجماعية. وتنظم الدول شرطة سرية للتجسس على الناس يشتبه في المعارضة للقادة السياسيين واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم. يتم تلقين الدوافع لاستهداف مجموعة من خلال وسائل الإعلام وتدريب خاص للميليشيات القتل ووحدات خاصة من الجيش. فإنّ التصدي لهذه المرحلة يتطلب حظر العضوية في الميليشيات المماثلة بموجب القانون، وحرمان قياداتها من الحصول على تأشيرات الدخول إلى الدول الأجنبية. فضلاً عن ذلك يجب على الأمم المتحدة أن تفرض حظر تسلّح على حكومات ومواطني الدول المتورطة في المجازر الجماعية وأن تشكّل لجانًا تعنى بالتحقيق في الانتهاكات كما حدث في المرحلة التي تلت الإبادة الجماعية في رواندا.

6. التباعد:

يعمد المتطرفون إلى إبعاد الجماعات عن بعضها البعض، بحيث تقوم الجماعات المحرضة على الكره ببث الدعايات التي تحث على التباعد في ما بينها، حتى أن القوانين قد تمنع الزواج أو التفاعل الاجتماعي بين الجماعات. كما يستهدف الإرهاب المتطرف المعتدلين ويتعمّد ترهيب المتوسطين وإسكاتهم. فالمعتدلون من جماعة المعتدين أنفسهم هم أكثر الأشخاص قدرة على إيقاف الإبادة الجماعية ولذلك فإنهم أول من يتعرض للاعتقال والقتل. ثم يتعرض القادة في الفئات المستهدفة للقبض عليهم وقتلهم. تسن المجموعة المسيطرة قوانين أو مراسيم الطوارئ التي تمنح لهم السلطة الكاملة على الفئة المستهدفة وتتآكل القوانين الحقوق المدنية الأساسية والحريات. فيتم نزع سلاح الجماعات المستهدفة لجعلها غير قادرة على الدفاع عن النفس، وضمان أن المجموعة المهيمنة تتمتع بالسيطرة الكاملة. وهنا قد تتمثل الوقاية بتأمين الحماية الأمنية للقادة المعتدلين أو توفير المساعدة لمنظمات حقوق الإنسان. هذا ويمكن مصادرة أموال المتطرفين وحرمانهم من تأشيرات السفر إلى الخارج. ولكن لا بد أيضًا من فرض عقوبات دولية من أجل التصدي للانقلابات التي ينفذها المتطرفون.

7. التحضير:

ويعني أن تخطط قيادات الجماعات الوطنية أو المعتدية لبلورة “الحل النهائي” لـ”مسألة” اليهود أو الأرمن أو التوتسي أو غيرهم من المجموعات المستهدفة. وهي تعمد في غالب الأحيان إلى تستير نواياها خلف عبارات ملطّفة، كأن تصف أهدافها بـ”التطهير العرقي” أو “التطهير” أو “مكافحة الإرهاب.” فتشكّل الجيوش وتشتري الأسلحة وتدرب جنودها وميليشياتها وتغرس في أذهان الشعب الخوف من الجماعة الضحية. وغالبًا ما يتحجج القادة بالادعاء القائل “إذا لم نقتلهم قتلونا،”  مموها الإبادة الجماعية بأنها دفاع عن النفس. هناك زيادة مفاجئة في الخطابة الملهبة للمشاعر الكراهية والدعاية بهدف خلق الخوف من المجموعة الأخرى. قد تؤدي العمليات السياسية مثل اتفاقات السلام التي تهدد الهيمنة الكلية للمجموعة ذات ميول للإبادة الجماعية أو الانتخابات المقبلة التي قد يكلفهم قبضتهم على السلطة الكلية إلى إبادة جماعية. على هذا الأساس قد تتضمن تدابير الوقاية من مرحلة التحضير فرض حظر تسلّح وتشكيل لجان لتطبيق هذا الحظر. ولكن من الضروري أن تشمل هذه التدابير المحاكمة على التحريض والتآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية، وهما جريمتان تنص عليهما المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

8. الاضطهاد:

في هذه المرحلة يتم تحديد الضحايا المستهدفين وفصلهم على أساس هويتهم الإثنية أو الدينية، وتوضع لوائح القتل. في حالات الإبادة الجماعية التي ترتكب بدعم من الدولة، قد يرغَم أفراد المجموعة المستهدفة على وضع رموز تعرّف عنهم. وفي غالب الأحيان تسلب منهم ملكياتهم، حتى أنهم قد يفصلون أحيانًا عن باقي السكان في أحياء خاصة بالأقليات أو يرحَّلون إلى معسكرات اعتقال أو يحتجزون في مناطق ضربتها المجاعة حيث يتم تجويعهم. فيتم تحريمهم عمدا من الموارد مثل المياه أو الطعام من أجل تدميرهم شيئا فشيئا ويتم تنفيذ برامج لمنع الإنجاب من خلال التعقيم القسري أو الإجهاض. تؤخذ الأطفال عن والديهم قسرا. 

تصبح حقوق الإنسان الأساسية للمجموعة الضحية معذبا بشكل منتظم من خلال عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب والتهجير القسري. وهنا تبدأ المجازر الإبادية، وهي تعتبر أعمال إبادة جماعية لأنها تقضي عمدًا على قسم من المجموعة المستهدفة. يراقب الجناة ما إذا كانت هذه المذابح تؤدي إلى أي رد فعل دولي. إن لم يكن، أنهم يدركون أن المجتمع الدولي سيكون مرة أخرى من المارة وتسمح بإبادة جماعية أخرى.

في هذه المرحلة، يتعين إعلان حالة الطوارئ جراء الإبادة الجماعية. وإذا أمكن تعبئة الإرادة السياسية للقوى العظمى أو الحلفاء الإقليميين أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يجب التحضير لتدخل دولي مسلح أو تقديم مساعدة مكثفة للمجموعة المستهدفة حتى تستعد للدفاع عن نفسها. وكذلك يجب على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الخاصة أن تنظم المساعدات الإنسانية لموجة اللاجئين التي ستترتب حتمًا عن الوضع.

9. الإفناء:

هنا يبدأ الإفناء ويتحول سريعًا إلى قتل جماعي يعرف قانونيًا باسم “الإبادة الجماعية”. بالنسبة للقتلى، تسمّى هذه العملية “إفناء” لأنهم لا يعتبرون ضحاياهم كائنات بشرية تمامًا. وحين يجري الإفناء بدعم من الدولة، غالبًا ما تتعاون القوات المسلحة مع الميليشيات لتنفيذ أعمال القتل. وفي بعض الأحيان تسفر الإبادة الجماعية عن أعمال قتل انتقامية بين الجماعات، فتخلق بذلك دوامة انحدارية من الإبادات الثنائية (كما في بوروندي). تظهر أعمال الإبادة الجماعية كيف  مدى تجريد إنسانية الضحايا. يتم تمزيق أشلاء الجثث؛ ويُستخدم الاغتصاب كأداة حرب من أجل التغيير الوراثي والقضاء على المجموعة الأخرى وكذلك تدمير الممتلكات الثقافية والدينية للقضاء على وجود مجموعة من التاريخ. ويتم قتل كل الرجال في سن القتال في بعض عمليات الإبادة الجماعية. يتعرض جميع النساء والفتيات للاغتصاب. في عمليات الإبادة الجماعية الشاملة يتم إبادة جميع أعضاء المجموعة المستهدفة.

في هذه المرحلة، لا يمكن إيقاف الإبادة الجماعية إلا بتدخل مسلّح يكون سريعًا وطاغيًا. وكذلك ينبغي تأمين مناطق آمنة فعلية أو ممرات فرار للاجئين تحت غطاء مكثف من الحماية الدولية المسلحة (مع الإشارة إلى أن وجود منطقة “آمنة” تفتقر إلى الأمان أسوأ من غيابها). كذلك يجب على مجلس الأمن تفويض لواء القوات الاحتياطية العالي الاستعداد التابع للأمم المتحدة أو قوة الرد السريع التابعة للاتحاد الأوروبي أو القوات الإقليمية بالتحرك واتخاذ التدابير اللازمة إذا كان نطاق الإبادة الجماعية صغيرًا. أما حالات التدخل الأكبر، فيجب أن تتولاها قوة متعددة الأطراف ومفوضة من الأمم المتحدة، في حين يتعين على التحالفات الإقليمية أن تتدخل إذا ما كانت الأمم المتحدة عاجزة عن التحرك. منذ 2005، تعلو مسؤولية تأمين الحماية التي تقع على عاتق الأطراف الدولية فوق المصالح الضيقة للدول الفردية. وإذا أبت الدول القوية أن تقدم الجيوش اللازمة للتدخل المباشر، عليها أن تؤمّن النقل الجوي والعتاد والإمكانيات المالية اللازمة لتدخل الدول الإقليمية.

10. الإنكار:

ويشكل المرحلة الأخيرة التي تدوم طيلة مدة الإبادة الجماعية وتأتي دائمًا في أعقابها، لا بل يعد من أكثر المؤشرات تأكيدًا على حدوث المزيد من مجازر الإبادة. ويعمد مرتكبو الإبادة الجماعية إلى نبش القبور الجماعية وإحراق الجثث محاولين إخفاء الأدلة وترهيب الشهود. وينكرون أنهم ارتكبوا أي جرائم ويلقون غالبًا اللوم في ما حصل على الضحايا. كما أنهم يتصدون للتحقيقات التي يتم إجراؤها في الجرائم ويستمرون في الحكم إلى حين الإطاحة بهم بالقوة فيهربون حينذاك إلى المنفى. وهناك يعيشون متمتعين بالحصانة على غرار بول بوت أو عيدي أمين، إلا أذا تم القبض عليهم وإنشاء محكمة لمحاكمتهم. إنّ الرد على الإنكار يكون بالعقاب في محكمة دولية أو محاكم وطنية، حيث يمكن الاستماع إلى الأدلة ومجازاة الجناة. وفي حين أن المحاكم على غرار محاكم يوغوسلافيا أو رواندا أو سيراليون، أو المحكمة الدولية لملاحقة الخمير الحمر في كمبوديا، أو المحكمة الجنائية الدولية قد لا تتمكن من ردع أسوأ القتلة من مرتكبي الإبادات الجماعية، إلا أن الإرادة السياسية لتوقيف هؤلاء ومحاكمتهم قد تسهم في سوقهم للعدالة.

© 2013 غريغوري ستانتن. عُرض هذا النص في الأصل كورقة توجيهية تحت عنوان “مراحل الإبادة الجماعية الثمانية” في وزارة الخارجية الأمريكية في العام 1996، وأضيفت لاحقًا إلى النموذج فقرتا “التمييز” و”الاضطهاد.”

http://www.genocidewatch.net