أبطال الهولوكوست من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

Nazi France

عبد الوهابفي بيوت الدعارة والأفنية

استيقظت آني بوكرس فجأة على أصوات هامسة في مصنع زيت الزيتون الذي تسميه الآن بيتا. كان الحديث محموم وأدركت آني صوت والدها المتوتر والمشحون بالقلق، ولكنها لم تعي كلام الرجل المخيف الذي حذر والدها من الخطر الفوري. قبل عدة أسابيع، قد دخلت القوات النازية المدينة التونسية الساحلية المهدية وصادرت ممتلكات عائلة بوكرس وممتلكاتها، محوّلين بيتهم الجميل إلى ملجأ للعسكريين. وفي غضون هذا الاضطراب، رتب يعقوب وهو والد آني لجميع أفراد الأسرة الاحتماء في المصنع القريب. ولكن كان هذا الملاذ الآن تحت تهديد وشيك. سمعت آني الرجل الغامض مستعيداً رباطة جأشه يقول إن الجميع يجب أن يأتي معه فورا، وأنه سيوفر الإقامة الآمنة لهم.1

أسرة بوكرس الممتدة وعدد من الجيران، مقتنعين من صدق صوته، تركوا منازلهم المؤقتة في المصنع، ولاحقوا رجلا تعلمن آني اسمه في ما بعد كان خالد عبد الوهاب، عربي محلي مشهور. كان والده موظفا حكوميا تونسيا مشهورا وصديق مقرب من والد آني. وفقا لمذاكرات آني “من خلال جولات مكوكية ذهابا وإيابا طوال الليل، تمكن عبد الوهاب في نهاية المطاف من إقامة الجميع في مزرعة عائلته في القرية الصغيرة تلس على بعد عشرين ميلا غرب المهدية.2”

كانت عائلة بوكرس، مثل الكثير من جيرانهم، يهوديين. مع انتصار ألمانيا على فرنسا في العام 1940، أصبح اليهود في تونس وغيرها من المناطق التي سيطرت عليها فرنسا في شمال أفريقيا ضعيفة على نحو متزايد. عندما استولت القوات الألمانية السيطرة المباشرة على شرق تونس في أواخر عام 1942، فكان الوضع لليهود التونسيين قاتما جدا. تحت السيطرة النازية، تعرض اليهود للاعتقالات التعسفية والمصادرات والعمل القسري وعمليات الترحيل وإجبارهم على ارتداء نجمة داود الصفراء كشارة للتعرف العام.3 وأُرسل يهود كثيرون من شمال إفريقيا إلى معسكرات العمل القسري في مختلف أنحاء المنطقة، والتي تجاوز عددها  60 مرة ما؛ وتم مصادرة منازل ومزارع وممتلكات من الآلاف. خسر عدد كبير منهم محنهم ومدخرات العمر.4

الليلة التي قرر فيها عبد الوهاب على عجل أن يساعد عائلة بوكرس كانت مثل أي ليلة أخرى. زار عبد الوهاب بيت الدعارة المحلي الذي أسّسه القوات النازية لتسليتهم الشخصية. سكب عبد الوهاب وهو مبتسما جولة أخرى من المشروبات الروحية لضابط ألماني مخمور. وقالقا بشأن سلامة الشابات في بيت الدعارة، قام عبد الوهاب بما في وسعه لحمايتهم. في هذه الليلة، كان يعني تشجيع مجددا ضابط ألماني للشرب الكثير من الكحول، لدرجة أنه لن يكون قادرا على الاغتصاب من أي من النساء. ومن خلال الشرب الباهظ، اكتشف عبد الوهاب أن الضابط الألماني كان يهدف إلى إجبار والدة آني بوخرس، أوديت، الدخول إلى بيت الدعارة المحلي. فتصرف عبد الوهاب بسرعة محفزا من الزغبة في حماية والدة آني وأعجل عائلة بوخرس وغيرهم إلى مزرعته في منتصف الليل حيث ظلت الأسرة مخبأة بأمان حتى نهاية الحرب.5

إذا نظرنا إلى الوراء في رغبة عبد الوهاب الشجاعة والرحيمة للمساعدة، أعرب آباء آني بوخرس عن الاعتقاد الصادق أن “خالد نفسه كان سيكون مصيره الموت إذا اكتشفه الألماني [في بيوت الدعارة].6” ونظرا لرغبة عبد الوهاب للمجازفة بحياته فنجا عائلة بوخرس وغيرهم الاحتلال والاضطهاد النازي.

 

أولكومنلبتحول إلى الأتراك

في أماكن أخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط، صلاح الدين أولكومن، وهو كان القنصل العام التركي في جزيرة رودس خلال الحرب العالمية الثانية، هرعت بشكل محموم إلى مقر النازي المحلي. كان العام 1944، وكانت القوات الألمانية تشدد قبضتها على الجزيرة عقب استسلام إيطاليا لقوات الحلفاء في عام 1943. 7 إن بعد استيلاء النازيين على الجزيرة، “ساد الخوف في كل مكان،8” وخاصة وسط السكان اليهود في الجزيرة. ولكن في ذلك الوقت، لم يسمع بعد الكثير عن الفظائع النازية ضد اليهود لأن الإيطاليين “صادروا جميع الراديوهات بشكل فعال جدا لدرجة أن اليهود لم يعرفوا شيئا عن المصير المحفوظ لعرقهم في القارة.9”

في يوليو 1944، قضى قادة نازية على جميع الرجال اليهود والفتيان فوق سن السادسة عشرة  المقيمين بالجزيرة بالتسجيل في المقر المحلي.10 استجاب يهود رودس لهذا الطلب، وهم لا يعرفون أن الغالبية العظمى من هؤلاء الذين سجلوا سيُرحلون إلى البر الرئيسى لليونان، وبعد ذلك سيتم تحميلها على القطارات المتجهة إلى أوشفيتز، معسكر الاعتقال والإبادة البولندي.11 مع أن وصل الرجال اليهود في الجزيرة لتسجيل حتى حاصرهم الجنود الألمان  وأخذوا هوياتهم وتصاريح عملهم وأجبروهم إلى الطابق السفلي للمبنى.12

عند وصول أولكومن إلى مقر النازيين، واجه صخبا جامحن بين الأسرى اليهود. “أن مشاهد الضائقة المطلقة التي شهدها طغت عليه، فقرر أن يفعل.”13 مفكرا بسرعة، أجرى أولكومن إحصاءا لتحديد من منهم يمكن أن يُعتبر – في أي وسيلة ممكنة – من أصل تركي.14 بعد ذلك، أولكومن وزّع سرا بطاقات هوية تركية إلى زوجات كل الرجال الذين كانوا بأي شكل من الأشكال من أصل تركي أو الذين يمكن التظاهر على هذا النحو.15

ثم اقترب أولكومن المسؤولين من الجستابو لكي يساوم نيابةً عن اليهود الذين كان قد وفر لهم “دليلا” على الجنسية التركية. لأن تركيا كانت محايدة تجاه ألمانيا، قال أولكومن إن أي ضرر للمواطن تركي سيُعتبر انتهاكا لشروط الحياد وطالب من الألمان إطلاق جميع المواطنين الأتراك في حوزتها، أيا كان عرقهم أو دينهم. ونتيجة جهوده، رضخ قائد الجستابو في الجزيرة، مفرجا عن هؤلاء اليهود الذين أولكومن قد ضغط من أجلهم.

من خلال جهوده الدؤوبة، أمّن أولكومن الإفراج عن 42 يهودي وكانت ثلاثة عشر من هؤلاء الناجين مواطنين أتراك في الواقع بينما كان لدى الناجين الباقيين درجات متفاوتة من الصلات التركية، وعادة كانت أن الأزواج أو الأقارب الذين كانوا مواطنين إيطاليين أو يونانيين. تتذكر ماتيلد توريل، وهي مواطنة تركية وزوجة مواطن إيطالي يهودي من رودس التي أنقذها أولكومن شجاعة جهوده. “بفضل السيد أولكومن، أُطلق زوجي! ما فرحا، إذا يمكنك الإدراك، ما فرحا! قام السيد أولكومن بشيء غير عادي – نعم، غير عادي! وبالإضافة إلى اليهود الأتراك، إلا أنه نجح في إنقاذ خمسة وعشرين يهودي إيطالي بقوله إنهم أتراك الذين حوّلهم بطريقة ما إلى أتراك.16

مع أن أولكومن دافع عن بعض الأوراح من خلال جهوده الباسلة، فإنه كان هناك أكثر من لقوا حتفهم لأنهم لم يُعتبروا مواطنين أتراك. إجمالا، تم ترحيل 1673 يهودي من رودس إلى أوشفيتز. من هؤلاء الأفراد، نجا 150 فقط. على الرغم من أنه لم يمنع السلطات النازية من مضايقة الجالية اليهودية المتبقية في الجزيرة، “فواصل أوكلومن توفير الحماية والدعم المعنوي لهؤلاء الذين قد تم إنقاذهم والذين بقوا في الجزيرة.”18 ومع تدهور موقف ألمانيا في الحرب في وقت مبكر في عام 1945، أمر القائد النازي في رودس الجالية اليهودية المتبقية بالتوجه إلى تركيا عن طريق القوارب. غادر الجالية اليهودية منازلهم في الجزيرة ووصلوا بأمان شواطئ تركيا في ميناء مارماريس، حيث كانوا أخيرا أحرار من الاضطهاد النازي.

سببت مساعدات أوكلومن إلى اليهود في رودس خسارة شخصية كبيرة. قبل نهاية الحرب، كشفت السلطات الألمانية خداعه وألقت القبض عليه نظرا لجهوده في حماية اليهود في الجزيرة. عقابا عن ذلك، أرسلته إلى البر الرئيسي لليونان لكي يُحبَس حتى نهاية الحرب. للأسف الشديد، أمر الألمان الطائرات ب “[قصف] القنصلية التركية، مما أسفر عن مقتل زوجة أوكلومن الحامل مهرينيسا هانم فضلا عن موظفْين آخرين.”19 وعلى الرغم من وفاة والدته، فأن ابن أولكومن، ومحمد، نجا الغارة الجوية بفضل عمل الأطباء المحليين في الوقت المناسب. ولكن بالنسبة إلى حماة أولكومن  كان ألم فقدان ابنتها شديدا جدا، وهي انتحرت بعد وقت قصير من الهجوم. بعد إطلاق سراحه في نهاية الحرب، عاد أولكومن إلى تركيا.

في 13 ديسمبر 1989، منح ياد فاشيم أولكومن عنوان “الصالحين بين الأمم” تكريسا لتصرفاته الشجاعة لإنقاذ يهود كثيرين من رودس خلال الهولوكوست.20 ويشرح أولكومن أفعاله قائلا أنا أؤمن بالله، وأنا مسلم، ولم أفعل شيئا إلا الاستماع إلى ضميريضميري وخزأنا مسلم، نعم، ولكن، قبل كل شيء، أنا رجل يؤمن بالبشرية، بالإنسانيةأنا وضعت نفسي في مكان أولئك الذين كانوا سيكونون ضحاياوقال ضميري لي أن أفعل ما بوسعي.”21

 

ساردارياليهود كالآريين

في وقت مبكر صباحا يونيو 14، 1940 استيقظ دبلوماسي إيراني عبد الحسين سارداري على منظر دبابات ألمانية تتدحرج في شوارع باريس. قد اختفت الحكومة الفرنسية والجيش، وحلت محلها صفوف القوات النازية الذين ساروا في شوارع مدينة الأضواء فكان يعيش سارداري الآن تحت حكم النازية. مع ذلك، مثل نظيره التركي، رفض سرداري أن يسمح للخوف واحتمالات بعيدة بالتغلب على ضميره، واقتنص فرصة لحماية اليهود الذين كانوا على وشك الإرسال إلى وفاتهم.

ومع تشديد النازيين قبضتهم على فرنسا، ففُرض اليهود الفرنسيون، من بينهم أكثر من 100 عائلة يهودية من أصل إيراني والدول المحيطة بهاعلى للتسجيل مع الشرطة.22فعندما تم ضبط ممتلكاتهم وبدأوا يخشون على حياتهم، تمكن

الكثير من تلك الأسر من الاتصال مع سرداري. بعد سماع مناشدتهم للمساعدة التي يعتصر لها القلب، قرر الدبلوماسي أن يفعل كل ما في وسعه لإنقاذ اليهود الإيرانيين وأصدقاءهم اليهود غير الإيرانيين في فرنسا. على الرغم من أن السفارة الإيرانية قد نقلت إلى فيشي مع الحكومة الفرنسية العميلة، فأدرك سارداري كالممثل الإيراني الأعلى في باريس المسيطر عليها كم قبل النازيين أنه كان لديه فرصة ومسؤولية لحماية اليهود من إيران وآسيا الوسطى.23

رأى سارداري أفضل فرصة له للقيام بذلك كان التلاعب مع النظريات العرقية للنازيين.24 في الفترة التي سبقت الحرب، هاجس الحزب النازي مع إثبات التفوق العنصري الألماني قد دفعهم للاستخدام مصطلح “الآرية،” التي تشير لذوي البشرة الفاتحة الهندية الإيرانيين في الأصل الذين استقروا في ما يُعرف الآن كالشرق الأوسط قبل آلاف السنين.  كانت الحكومة الإيرانية حارصة على الحفاظ على علاقات جيدة مع ألمانيا، فقد بالغت في قرابتهم العرقية. أدرك سارداري أن الجاليات اليهودية الإيرانية في باريس تشارك في العلاقات اللغوية والثقافية التي مكّنته من القول بإنهم كانوا “جوجويتس،” أحفاد يهود فرس يمكن النظر فيهم كالآرية. عرف سارداري أن الأفكار النازية الباطلة عن العرق يمكن استغلالها لحماية اليهود من إيران وآسيا الوسطى. استفادةً من دراساته كمحامٍ، سارداري زعم بمهارة أن ال”جوجويتس” كانوا “مندمجين إلى الفرس غير اليهوديين عن طريق الثقافة والتزاوج ويجب ألا يُعتبر يهودا،” لا سيما وأنهم لم يتحدثوا العبرية أو اليديشية مثل الجاليات اليهودية الأخرى، وجوازات السفر الإيرانية لم يُعرفهم كيهود.25

عزز سارداري حججه الرسمية من قبل وسائل أكثر رسمية، عارفا ما هو على المحك. فقدم رشوة للمسؤولين وعقد حفلات فخمة لاستقبالات دبلوماسية وحفلات خاصة، بالإضافة نزهات خاصة لبناء علاقات شخصية ووثيقة مع المحتلين. في ليلة حافلة بالأحداث، استضاف سارداري حشد انتقائي من الدبلوماسيين والمسؤولين والفنانين والشخصيات البارزة الأخرى في القنصلية الإيرانية في باريس، بما فيهم عدد من الشخصيات البارزة من سلطات الاحتلال. فاُعتبر التجمع الفخم نجاحا باهرا على نطاق واسع مانحا سارداري إشادة محلية وقدرا كبيرا من النفوذ الاجتماعي والسياسي بين شخصيات رفيعة المستوى.

بشكل متزامن، أصبح سارداري أكثر تصميماً على مجادلاته التي وصلت إلى أعلى مستويات الحكومة الألمانية.27 في نهاية المطاف أعفت السلطات الألمانية على مضض اليهود ذوي العرق الإيراني المقيمين في شمال فرنسا المحتلة من قبل النازيين من الاضطهاد فقامت سلطات فيشي في باقي أنحاء فرنسا بذلك أيضا.28 غير راغبا في ترك الآخرين مهددين فوزع ما يقرب من ألف جوازات السفر الإيرانية الفارغة لعائلات يهودية أخرى على الرغم من أنهم ما كان لديهم صلات إيرانيةونتيجة لجهوده، معظم اليهود من أصل إيراني الذين عاشوا في فرنسا خلال الحرب نجوا من الهولوكوستفي الواقع، تشير الوثائق الأرشيفية الألمانية إلى أن سارداري تمكن من إعفاء 2400 يهودي من القوانين النازية العنصرية، وهو عدد يتجاوز بكثير عدد السكان اليهود الإيرانيين المقيمين في فرنسا في ذلك الوقت.”29

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بقي سارداري في السلك الدبلوماسي الإيراني حتى عام 1958، عندما انضم إلى شركة النفط الوطنية الإيرانية وانتقل إلى لندن، حيث توفى في عام 1981. 30 وعلى الرغم من عمله الصالح خلال الهولوكوست، فتجنب سارداري الاعتراف العلني. مع ذلك قبل وفاته أوضح لماذا بذل الجهود لإنقاذ يهود كثيرين: “كما تعلمون، كان من سروري أن أكون القنصل الإيراني في باريس خلال الاحتلال الألماني لفرنسا، وعلى هذا النحو فإنه كان واجبي أن أحفظ جميع الإيرانيين، بما فيهم اليهود الإيرانيين.” 31

 

حلميحلف الطبيب

أثناء سير الدكتور محمد حلمي شوارع برلين، وهي قلب ألمانيا النازية، كان يتسائل عن كيف يمكنه مساعدة آنا بوروس، صديقه الشاب اليهودي. كمريضة البالغة من العمر واحد وعشرين وصديق للعائلة، أنها كانت في حاجة ماسة إلى مكان للاختباء لكي تتجنب ترحيلها إلى معسكر اعتقال.

بعد فترة وجيزة من تولي الحزب النازي للحكم في ألمانيا في عام 1933، حلمي، وهو رئيس قسم المسالك البولية في مستشفى محترمة في برلين،  شهد بفزع كيف أقالت السلطات الأطباء اليهود، وأصدقائه وزملائه من وظائفهمفي عام 1938، تم الإقالة من في المستشفى ومُنع من العمل في نظام الصحة العامة لأسباب عنصرية.33 وكناقد جاهر للنازيين، أصبح حلمي أشد منتقدي مستهدفا بشكل متزايد من قبل السلطات الألمانية.34

مع أن الخطر كان كبيرا، اختار فإن حلمي اختار أن يساعد آنا، وستّرها في مقصورة ملكها في الشمال الشرقي في برلين. نظرا لوضع حلمي نفسه كغير آري وانتقاده الصريح لسياسات النازية، فتستير آنا لم يكن مهمة سهلة. حقّق المسؤولون النازيون حلمي في عدة مناسبات وخلالها حلمي تهرب ببراعة أسئلتهم وبذل جهودا قصارى للدفاع عن آنا. وفقا لآنا، “في هذه الحالات كان يأتي بي إلى أصدقاء حيث كنت أبقى لعدة أيام، وكان يقدمني كابن عمه من دريسدن. عندما فات الخطر، فكنت سأعود إلى مقصورته.”36

لم يدافع حلمي عن آنا فحسب بل بذل جهودا لمساعدة بقية عائلتها بما فيهم والدة آنا وزوج والدتها وجدتها أيضا.37 فأنه نسق  مع فريدا زتورمان، إمرأة ألمانية محلية، لإخفاء جدة آنا، سيسيل رودنيك، وإعاتها لأكثر من سنة، ووفر للعائلة الرعاية الطبية أيضا.38

جهوده لحماية الأسرة كادت انتهت بشكل مأساوي عندما ألقت الجستابو القبض على والدة آنا وزوجها مختبئين في عام 1944. وفي أثناء استجوابهم، اكتشف الجستابو أن حلمي كان يخبّئ آنا. خوفا من أن الجستابو تعلمت عن خداعه، عجّل حلمي آنا إلى منزل زتورمان لحفظها.39 رغم استجوابه القاسي من قبل الجستابو، فأن حلمي لم يتخل عن صديقه.40 بدلا من ذلك، فضلل حلمي الجستابو بتزوير رسالة باسم آنا التي قالت فيها إنها كانت تقيم عند خالتها في ديساو، ألمانيا.41

بسبب أفعال الدكتور حلمي والسيدة زتورمان، نجا آنا وعائلتها خلال الهولوكوست. بعد سنوات كثيرة وبعد وفاة آنا وجدتها، ووالديها، بنت آنا، كارلا، اتصلت ب”ياد فاشيم” لسرد قصة عائلتها. في الحديث عن الرجل الذي كان يعتني بوالدتها حماها، قالت كارلا: “لولا للدكتور حلمي، فلم أكن هنا اليوم، وكذلك أخواي، تشارلي وفريد. بالإضافة إلى ذلك، بين ثلاثتنا، لدينا سبعة أطفال الذين لم يكنوا هنا كذلك.”42

في 18 مارس 2013، ياد فاشيم عين فريدا زتورمان والدكتور محمد حلمي باسم “الصالحين بين الأمم” لدورهم في الدفاع على حياة اليهود. وكان الدكتور حلمي أول عربي يحصل على هذا الشرف لإنقاذ اليهود خلال الهولوكوست.43 بعد الاعتراف العلني بحلمي من قبل ياد فاشيم، بنت آنا كارلا وفرت وثائق أشارت إلى أن حلمي قد حصل على شهادة من المعهد الإسلامي المركزي في برلين توثق بأن آنا اعتنقت الإسلام وهو لفق شهادة الزواج تبين أن آنا قد تزوجت مواطن مصري في حفل زفاف في بيته في عام 1943. 44 وقبل وفاتها، قالت آنا “الدكتور حلمى قام بكل شيء بفضلي من سخاء قلبه، وسوف أكون ممتنا له إلى الأبد.45

 

اختتام

اليوم، غالبا ما توصف الشرق الأوسط بالاستقطاب والمعرضة للصراعات والتعصب. مع ذلك فأن قصص خالد عبد الوهاب، وصلاح الدين أولكومان، وعبد الحسين سارداري، ومحمد حلمي تظهر احتمالات مختلفة – احتمالات الاحترام والتضحية بالنفس من أجل حقوق الآخرين. فأنها تظهر التأثير، الذي يملكه أفراد شجعان ذوي قناعة للوقوف على ما هو حقٍ، على أرواح كثيرين. البعض خبّأوا يهودا في بيوتهم أو أراضيهم بينما وفّر آخرون لهم وثائق وهويات مزورة ولكن كلهم رأوا جيرانهم اليهود كبشر. ويعرض أفعالهم ذات الضمير والشجاعة أنه حتى في أصعب الأوقات، فالضمير والخير الإنساني يمكن أن يتجاوز حتى الحدود الدينية والثقافية أكثر تحديدا.

 

تعلم أكثر

 

أخبار وتحليل

 

“Abdol Hossein Sardari (1895–1981).” Holocaust Encyclopedia, United States Holocaust Memorial Museum. Encyclopedia last updated 20 June 2014.  http://www.ushmm.org/wlc/en/article.php?ModuleId=10007452

 

“Abdol Hossein Sardari.” Wikipedia. http://en.wikipedia.org/wiki/Abdol_Hossein_Sardari

 

“About Yad Vashem.” Yad Vashem: The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/about/index.asp

 

Barbati, Gabriele. “Abdol Hossein Sardari, The Iranian Diplomat Who Saved Thousands Of Jews From The Nazis.” International Business Times. 27 January 2013. http://www.ibtimes.com/abdol-hossein-sardari-iranian-diplomat-who-saved-thousands-jews-nazis-1041064

 

“Book Tracks Holocaust’s ‘Lost Stories.’” National Public Radio: Books. 8 December 2006. Podcast. http://www.npr.org/templates/story/story.php?storyId=9678526 

 

“Holocaust.” Rhodes Jewish Museum. http://www.rhodesjewishmuseum.org/history/holocaust

 

“‘The Iranian Schindler’”: Abdol-Hossein Sardari’s Fight to Save the Iranian Jews of Occupied France.” Ajam Media Collective: A Roundup of Perso-Iranian High & Low Culture. 11 June 2012. http://ajammc.com/2012/06/11/the-iranian-schindler-abdol-hossein-sardaris-fight-to-save-the-iranian-jews-of-occupied-france/

 

“Khaled Abdul-Wahab.” Wikipedia. http://en.wikipedia.org/wiki/Khaled_Abdul-Wahab

 

“Kristallnacht: A Nationwide Pogrom, November 9–10, 1938.” Holocaust Encyclopedia, United States Holocaust Memorial Museum. Encyclopedia last updated: 20 June 2014. http://www.ushmm.org/wlc/en/article.php?ModuleId=10005201

 

Meidan, Anat. “Righteous Among the Arabs.” Ynetnews.com. 14 November 2010. http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-3978445,00.html

 

“Mohammed Helmy.” Wikipedia. http://en.wikipedia.org/wiki/Mohammed_Helmy

 

“Obituaries: Selahattin Ülkümen.” The Telegraph. 18 July 2003. http://www.telegraph.co.uk/news/obituaries/1436384/Selahattin-Ulkumen.html

 

“Rescued by an Egyptian in Berlin: Dr. Mohamed Helmy and Frieda Szturmann.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp

 

“The Rescuers: Selahattin Ülkümen.” Facing History and Ourselves.https://www.facinghistory.org/rescuers/selahattin-ülkümen

 

“A ‘Righteous’ Honor for an Arab Who Saved Jews.” National Public Radio: Books. 19 April 2007. http://www.npr.org/templates/story/story.php?storyId=967852

 

“Selahattin Ülkümen.” Wikipedia. http://en.wikipedia.org/wiki/Selahattin_Ülkümen

 

“Selahattin Ülkümen.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/ulkumen.asp

 

Sharafedin, Bozorgmehr. “Why Iran Takes Issue with the Holocaust.” BBC Persian. 8 October 2013. http://www.bbc.com/news/world-middle-east-24442723

 

“Voices on Antisemitism: Faiza Abdul-Wahab.” United States Holocaust Memorial Museum. 30 August 2007. Podcast. http://www.ushmm.org/confront-antisemitism/antisemitism-podcast/faiza-abdul-wahab

 

Wheeler, Brian. “The ‘Iranian Schindler’ who saved Jews from the Nazis.” BBC News. 20 December 2011. http://www.bbc.com/news/magazine-16190541

 

كتب

 

Halter, Marek. Stories of Deliverance: Speaking with Men and Women Who Rescued Jews from the Holocaust. Chicago: Open Court, 1998. 

 

Mokhtari, Fariborz. In the Lions Shadow: The Iranian Schindler and His Homeland in the Second World War. Great Britain: The History Press, 2011.

 

Satloff, Robert Barry. Among the Righteous: Lost Stories from the Holocausts Long Reach into Arab Lands. New York: PublicAffairs, 2006.

 

Shaw, Stanford J. Turkey and the Holocaust: Turkeys Role in Rescuing Turkish and European Jewry from Nazi Persecution, 1933-1945. New York: New York University Press, 1993.

 

فيديوهات

 

“Among the Righteous: Lost Stories from the Holocaust’s Long Reach into Arab Lands.” Public Broadcasting Service (PBS). 2010. Documentary. http://www.pbs.org/newshour/among-the-righteous/

 

“Egyptian Honoured by Israel.” CBC/Radio-Canada. 1 October 2013. http://www.cbc.ca/player/News/Must%20watch/ID/2409509184/

 

“An Egyptian named ‘Righteous Among the Nations.’” fmc-terrasanta.org. 2013. http://www.terrasanctablog.org/2013/11/20/an-egyptian-named-righteous-among-the-nations/

 

“Iranian Schindler That Saved Jews is Celebrated at The Holocaust Memorial & Tolerance Center.” YouTube. 26 February 2013. https://www.youtube.com/watch?v=wQd5KqcQAbI&list=PLBM40l-AxJO28L7Sa7-aYT5uiVI6YGsp9&index=1

 

“The Rescuers: Selahattin Ülkümen in Rhodes.” Facing History and Ourselves.https://www.facinghistory.org/rescuers/rescuers-videos

 

“The Story of an Arab Man Who Saved Jews During the Holocaust.” AOL. 11 August 2014. http://on.aol.com/video/the-story-of-an-arab-man-who-saved-jews-during-the-holocaust-518365492

 

“Zero Degree Turn Trailer.” YouTube. 27 March 2013. https://www.youtube.com/watch?v=pqN3xnA3yG8.

 

___________________________

1 Satloff, Robert Barry. Among the Righteous: Lost Stories from the Holocausts Long Reach into Arab Lands. New York: PublicAffairs, 2006. pg. 124.

2 Ibid. pg. 124. Anny Boukris was seventy-one years old when she dictated her story to oral historian Zepporah Glass on October 8, 2003. Glass conducted the interview on behalf of author Robert Satloff, who was not present in the United States at the time. Satloff chose Glass for the interview because she was experienced in collecting oral histories from Holocaust survivors.

3 Ibid. pg. 12.

4 Ibid. pg. 19.

5 Ibid. pg. 136-137.

6 Ibid. pg. 126.

7 Rhodes was previously under Ottoman rule for close to four hundred years, from 1522 to 1912. The island was then under Italian occupation from 1912 until 1943.

8 Halter, Marek. Stories of Deliverance: Speaking with Men and Women Who Rescued Jews from the Holocaust. Chicago: Open Court, 1998. pg. 184.

9 Ibid. pg. 184.

10 “Holocaust.” Rhodes Jewish Museum. http://www.rhodesjewishmuseum.org/history/holocaust

11 Auschwitz was a set of concentration and extermination camps used by the Nazi regime to mass murder Jews, political prisoners, Poles, and several other groups of people considered subhuman within Nazi racial ideology. Roughly 1.1 million people died at Auschwitz. The liberation of the camp on January 27, 1945 is commemorated each year as International Holocaust Remembrance Day.

12“Holocaust.” Rhodes Jewish Museum. http://www.rhodesjewishmuseum.org/history/holocaust

13 Halter, pg. 184.

14 Ibid. pg. 184.

15 Ibid. pg. 184.

16 Ibid. pg. 186.

17 “Holocaust.” Rhodes Jewish Museum. http://www.rhodesjewishmuseum.org/history/holocaust

18 Shaw, Stanford J. Turkey and the Holocaust: Turkeys Role in Rescuing Turkish and European Jewry from Nazi Persecution, 1933-1945. New York: New York University Press, 1993. Pg. 253.

19 Ibid. pg. 253-254.

20 “Selahattin Ülkümen.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/ulkumen.asp. The Righteous Among the Nations designation is the highest award Israel can bestow upon non-Jews in recognition of assisting people to survive the Holocaust at great personal risk. The basic parameters for awarding the Righteous designation can be found at http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/faq.asp. In general, the base criteria are as follows: active involvement in saving one or several Jews from the threat of death or deportation to extermination camps, risk to the rescuer’s life, liberty or position, the initial motivation being the intention to help persecuted Jews, and testimony of those who were helped or at least unequivocal documentation establishing the nature of the rescue and its circumstances.

21 Halter, pg. 183.

22 Mokhtari, Fariborz, In the Lion’s Shadow: The Iranian Schindler and His Homeland in the Second World War. Great Britain: The History Press. 2012.

23 After the Allied invasion and occupation of Iran by Britain and the Soviet Union in 1941, Switzerland was responsible for Iranian interests in France and the rest of occupied Europe. Although the Iranian government recalled its ambassador stationed in Vichy, Sardari stayed in Paris and worked in an unofficial capacity to protect the Iranian community in France, including Jewish businesspeople and their families. Vichy is a city in France that served as the capital of the French State, the nominal government of France during World War II.
24 Ibid. pg. 94.

25 “Abdol Hossein Sardari (1895–1981).” Holocaust Encyclopedia, United States Holocaust Memorial Museum.Encyclopedia last updated 20 June 2014.  http://www.ushmm.org/wlc/en/article.php?ModuleId=10007452

26 Mokhtari, Pg. 51.

27 Ibid.

28 Abdol-Hossein Sardari did not act alone. He was assisted in his efforts throughout World War II by an array of people, including, but not limited to, fellow diplomats, government officials, and close friends. At some point, Sardari met and collaborated with Dr. Asaf Atchildi to save Jewish lives using the premise that Jugutiswere not of the Jewish race as formulated within Nazi racial ideology. Atchildi was a Russian-educated physician from Samarkand, Uzbekistan, and head of the Central Asian Juguti community in Paris during World War II. 

29 Mokhtari, pg. 16.

30 Ibid. pg. 115. Further attesting to his courageous actions during World War II, Sardari was recalled from Brussels to Tehran by the Iranian government in 1952 on charges of misconduct and embezzlement. The accusations against him included issuance of unauthorized passports and misuse of government funds from 1941-1946. The charges against Sardari were later dismissed.   

31 “Abdol Hossein Sardari (1895–1981).” Holocaust Encyclopedia, United States Holocaust Memorial Museum.Encyclopedia last updated 20 June 2014. http://www.ushmm.org/wlc/en/article.php?ModuleId=10007452; “About Yad Vashem.” Yad Vashem: The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/about/index.asp. According to Yad Vashem’s website, it is the Jewish people’s living memorial to the Holocaust, safeguarding the memory of the past and imparting its meaning for future generations. Founded in 1953, the memorial serves as the world’s center for documentation, research, education, and commemoration of the Holocaust. 

32 “Rescued by an Egyptian in Berlin: Dr. Mohamed Helmy and Frieda Szturmann.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp

33 Ibid.

34 Ofer, Aderet, “Yad Vashem names Egyptian first Arab Righteous Among the Nations,” Haaretz. September 30, 2013. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewish-world-news/.premium-1.549718

35 “Rescued by an Egyptian in Berlin: Dr. Mohamed Helmy and Frieda Szturmann.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp

36 Ofer, Aderet, “Yad Vashem names Egyptian first Arab Righteous Among the Nations,” Haaretz. September 30, 2013. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewish-world-news/.premium-1.549718

37 “Rescued by an Egyptian in Berlin: Dr. Mohamed Helmy and Frieda Szturmann.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp

38 Ibid.

39 Ibid.

40 Hugi, Jacky, “Arab Hero Receives Israeli Holocaust Museum Award,” Al-Monitor. October 16, 2013. http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2013/10/mohamed-helmy-arab-righteous-among-the-nations-holocaust.html# 

41“Rescued by an Egyptian in Berlin: Dr. Mohamed Helmy and Frieda Szturmann.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp

42 Hugi, Jacky, “Arab Hero Receives Israeli Holocaust Museum Award,” Al-Monitor. October 16, 2013. http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2013/10/mohamed-helmy-arab-righteous-among-the-nations-holocaust.html#

43 “Israeli Holocaust Memorial honors Arab for the First Time,” CBS News. September 30, 2013. http://www.cbsnews.com/news/israeli-holocaust-memorial-honors-an-arab-for-the-first-time/

44 A photograph of Anna and her daughter Carla visiting Helmy in Berlin in 1969, a picture of Anna’s family visiting Helmy in Berlin in 1980, and an image of the false marriage document arranged for by Helmy can be found at http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp.

45 “Rescued by an Egyptian in Berlin: Dr. Mohamed Helmy and Frieda Szturmann.” Yad Vashem The Holocaust Martyrs’ and Heroes’ Remembrance Authority. 2014. http://www.yadvashem.org/yv/en/righteous/stories/helmy.asp