كيف اتحد مجتمعان محليان لإنقاذ الكنيس الأخير فى المدينة

Rudi Leavor-3

حيث تُحرق الكتب

هبّت نسمة شتوية باردة في جموع مئات الرجال والنساء والأطفال المسلمين الذين تغلغلوا في شوارع مدينة برادفورد الإنجليزية في يومٍ مشمس من أيام شهر كانون الثاني/يناير 1989، ملوحين بالشعارات القائلة “رشدي، ابتلع كلماتك” و”رشدي مقيت” و”امنعوا كتاب آيات شيطانية.[i] وطافت اللافتات فوق الحشود التي تجمهرت أمام أبرز المباني الحكومية في المدينة. كل من ناصر الكاتب سلمان رشدي المستهدف بهذه الشعارات نظر مشدوهًا إلى شاشة التلفاز حيث كانت صور المحتجين وهم يصبون البنزين على روايته الجدلية “آيات شيطانية” تعرض أمام ناظريه. وفي لحظة أضيئت الوجوه على الشاشة حين أُضرمت شرارة النيران في صفحات الرواية المشبعة بالوقود. وإذا بالحشود تفرح وتهلل لرؤية الرواية مشتعلة.

قبل قرابة القرنين، كتب الشاعر الألماني اليهودي هاينريش هاينه عبارة شهيرة هي “حيث قد حرقت الكتب، سينتهوا لحرق البشر.”[ii] وتكاد كلمات هاينه تكون نبوية في أعقاب ظاهرة إحراق الكتاب في برادفورد. كلا، لم تحرق أي أضاحي في ساحة المدينة العامة، ولكن في يوم عيد العشاق من العام 1989، أصدر القائد الإيراني آية الله الخميني فتوى حث فيها المسلمين على قتل كاتب “آيات شيطانية” الذي اُتهم بالكفر[iii]. وبما أن المتطرفين لم يتمكنوا من الوصول إلى كاتب الرواية الذي اختبأ بعد فتوى الخميني،[iv] وجهوا أنظارهم نحو أهداف أسهل. ولذلك قاموا في الثالث من تموز/يوليو 1991 بالاعتداء على إيتوري كابريولو، مترجم “آيات شيطانية” الإيطالي البالغ من العمر 61 عامًا، داخل شقته الواقعة في مدينة ميلانو الإيطالية.[v] لقد نجا كابريولو من طعنات سكاكينهم على الرغم من نواياهم الوحشية،[vi] ولكن للأسف لم يحظَ نظيره الياباني هيتوشي إيغاراشي بالنعمة نفسها بعد أيام قليلة على الحادثة حين انقض عليه متطرفون أمام مكتبه في شمال شرق طوكيو باليابان وطعنوه حتى الموت.[vii]

جذور الانقسام

في بدايات القرن العشرين، وقبل فترة طويلة من تجمّع الحشود في برادفورد لإحراق رواية رشدي، شهدت المدينة ازدهارًا هامًا كمركز لصناعة الأقمشة. ولكنها في المرحلة التي وقعت فيها حادثة إحراق الكتاب، بدت مجرد قوقعة فاسدة للمدينة التي عرفت ذاك الماضي المزدهر. فبعد الحرب العالمية الأولى، تهافت المنافسون الأجانب إلى السوق العالمية بمنتجاتهم الرخيصة متسببين بتدهور صناعي يستحيل التعافي منه في المدن المزدهرة كمدينة برادفورد التي عجزت عن دخول المنافسة.[viii] وباستثناء فترة الحرب العالمية الثانية، لم تتعافَ برادفورد قط من التراجع التي تعرضت له.[ix]

في ظل هذه الظروف الاقتصادية القاتمة، وصلت الموجة الأولى من المهاجرين من جنوب آسيا الذين كانوا بمعظمهم من المسلمين، وكان ذلك ما بين خمسينيات وستينيات القرن العشرين. في بادئ الأمر استقبلتهم المدينة برحابة صدر، فقد كانوا بغالبيتهم شبانًا يبحثون عن العمل فيما كان المصنّعون في برادفورد بحاجة إلى يد عاملة مستعدة للعمل في الليل وفي عطل نهاية الأسبوع.[x] ولكن مع مرور الوقت انتقلت عائلات هؤلاء المهاجرين الأوائل إلى إنجلترا للانضمام إليهم، وبحلول العام 2001 أصبح المهاجرون المسلمون من جنوب آسيا يشكلون الأقلية الكبرى في برادفورد ويمثلون نحو ربع سكان المدينة مع 75 ألف نسمة.[xi] ثم بدأت موجات الامتعاض بالظهور إذ فشل مسلمو جنوب آسيا على نطاق واسع الاندماج في المجتمع على غرار الوفود الأخرى من المهاجرين الجدد وحتى بات فصلٌ طوعي وفعلي بين المسلمين وغير المسلمين الواقع السائد في برادفورد.[xii]

حذرٌ وسط سيارات مشتعلة وشرطة سرية

في العام 2001، أي بعد مرور قرابة العقد على حادثة إحراق الكتاب، تأجج التوتر بين المسلمين وغير المسلمين في برادفورد مرة أخرى، ولكن هذه المرة حلت أعمال الشغب العنيفة محل التظاهرات، ومنيت المدينة بدمارٍ أكبر بكثير من السابق. وبعد أن حصل ما حصل، بلغت كلفة الأضرار التي ألمّت بالممتلكات 25 مليون جنيه استرليني وأصيب مئات رجال الشرطة في الأحداث.[xiii] وفي خضم فوضى السيارات المشتعلة والشوارع العابقة بالدخان، قام رودي ليفور سرًّا بفكّ لوحة النحاس المعلقة أمام كنيس “ريفورم” في برادفورد. ويبرر رئيس الكنيس البالغ من العمر 89 عامًا عمله هذا قائلاً: “لم نرد أن نسبب أي مشاكل.”[xiv] مع أن كنيس برادفورد لا يقع في مكان جليّ، إلا أن ليفور أبى المخاطرة، فهو ليس غريبًا عن مخاطر الكره الأعمى والتعصب بل علّمته طفولته قيمة الحذر.

تحمله الذكريات إلى الماضي ويسترجع ليفور الخوف الذي كان يعتمره كل مرة سمع فيها أصوات الجنود الكاسرة وهم يمرون بمنزل عائلته في ألمانيا ببزاتهم الموصومة بالصلبان المعقوفة.[xv] وفي صباح يوم بارد ومرعب لا يزال محفورًا في ذاكرة ليفور، اشتد هذا الخوف حدة. ففي ذلك اليوم، عندما كان ليفور وأخته يغادرون إلى المدرسة، أتت الغيستابو إلى باب البيت. لقد أرغمت الغيستابو، أو الشرطة السرية الألمانية، أنفسهم داخل منزل ليفور ووالديه مازالا في سريرهما وطالبوا من والدته التي كانت آنذاك أمينة صندوق نزل محلي للنساءبتسليمهم كل مدخرات النزل.[xvi] وإذ شعرت العائلة أن هذه الحادثة لن تكون الأخيرة، هربت من ألمانيا النازية في تشرين الثاني/نوفمبر 1937 حين لم يكن ليفور يتعدّى العاشرة من العمر، وأبحرت إلى إنجلترا. ويتذكر ليفور كيف شاهد والده مأخوذًا وهو يرمي مفتاح بيتهم في الأمواج المتلاطمة ويقول: “هذه هي النهاية بالنسبة إلينا في ألمانيا.”[xvii]

حليفٌ مستبعد لكنيس متصدّع

في العام 2013، اختلج ليفور قلقٌ من نوع آخر. فالوضع المادي لآخر كنيس في برادفورد أخذ في التراجع، وعدد اليهود في المدينة الذين يعود وجودهم فيها إلى قرن من الزمن يتراجع بوتيرة متسارعة، بحيث لم يبقَ من العائلات العديدة التي كانت تقصد الكنيس سوى 45 عائلة.[xviii] وما زاد الأمور سوءًا هو أن الماء بدأ يتسرب من السقف معرضًا لفافات التوراة المقدسة للتلف. وأمام قلة الخيارات المتاحة للرعية اليهودية، فكرت هذه الأخيرة على مضض ببيع مبنى الكنيس الذي تعود جذوره إلى 135 سنة، على غرار ما فعله جيرانها اليهود الأرثوذكس الذين اضطروا إلى بيع كنيسهم قبل سنتين.[xix] وإذا بحليف لم يكن في الحسبان يظهر حينذاك. وكان اسمه ذو الفقار علي.[xx]

كان علي مدير أحد أكثر مطاعم برادفورد شعبيةً، “سويت سنتر.” وفي نفس الوقت الذي بدأت فيه الرعية اليهودية تفكر جديًا في بيع كنيسها المحبب إلى قلبها، أدرك علي أنّ أحد منافسيه ينوي افتتاح مطعم في الجوار. وصادف أن مطعم علي لم يكن المطعم المفضل لدى محبي الطعام الباكستاني من أبناء المنطقة فحسب، بل لدى العديد من مرتادي الكنيس بشكلٍ خاص.[xxi] وإذ خشي علي أن يضر المطعم المنافس بعمله، فاتح ليفور التماسًا للمساعدة. لكن علي لم يكن يعلم أن ليفور واقع هو أيضًا في مأزق.

بعد أن شرح علي لليفور سبب قلقه من التأثير الكارثي الذي قد يخلفه قيام مطعم منافس على عمله، وافق ليفور على مساعدته. فنجح الاثنان معًا في حشد دعمٍ محلي كافٍ لإيقاف طلب التخطيط الذي تقدم به المطعم المنافس. وبدوره تعهد علي برد الجميل ما إن أطلعه ليفور على وضع الكنيس، وسارع إلى تأمين الأموال اللازمة من شركة محلية لتسديد كلفة الإصلاحات الطارئة التي أجريت على سقف الكنيس.[xxii] وفيما أدرك علي أن هذه الإصلاحات وحدها ليست كافية، توجّه إلى أمين المسجد المحلي، ذو الفقار كريم.[xxiii]

إنقاذ الكنيس وردم الهوة

مع أن كريم ترعرع على بعد شوارع قليلة من الكنيس وحسب، فوجئ حين علم بوجوده.[xxiv] وإذ علم كريم للمرة الأولى بوجود كنيس يهودي في برادفورد وعرف أن وجوده مهدد بالخطر، عرض تقديم المساعدة.[xxv] ويسترجع كريم الحادثة قائلاً: “صدمت حين سمعت الخبر وتواصلت فورًا مع أبناء المجتمع الآخرين.”[xxvi] لقد كانت جسامة وضع الكنيس واضحة. ويقول متحسرًا: “تواجد اليهود في برادفورد منذ مئة سنة، واليوم بالكاد بقي لهم أثر.”[xxvii]

وسرعان ما انكبّ ليفور وكريم على العمل لإنقاذ الكنيس، وحصدا معًا قدرًا كبيرًا من المساعدات من أبناء المجتمع المحلي حتى يتمكنا من المباشرة بأعمال الترميم الفورية، كما تقدما بطلب منحة من أموال اليانصيب من شأنها أن تؤمّن 100 ألف جنيه استرليني للكنيس. وحدث أمر ملفت آخر، وهو أن أحد رجال الأعمال المحليين ويدعى خالد بيرفاز قدّم مبلغ ألف جنيه استرليني ليضاعف المبلغ الذي تبرع به عدة أشخاص بالقيمة نفسها.[xxviii] وحين سئل عن السبب الذي يدفعه لبذل كل هذا الجهد لمساعدة يهود المدينة، أجاب كريم بإصرار: “لدينا الكثير من القواسم المشتركة… إذ تسري في مجتمعينا عادة مساعدة الآخرين في الأعمال، ولدينا قيمٌ متينة في ما يخص المشاريع والعائلة والمجتمع المحلي.”[xxix]

في هذا الإطار، أعرب نائب البرلمان عن حزب “الاحترام” (ريسبكت) جورج غالاوي عن سعادته بهذا التعاون النموذجي بين اليهود والمسلمين في برادفورد. وفي مطلع شهر آذار/مارس 2013، قدّم اقتراحًا برلمانيًا بتهنئة مجتمع المسلمين في المدينة على “بادرتهم التوحيدية الاستثنائية.”[xxx] بالنسبة لليفور وكريم، لم يكن إنقاذ الكنيس سوى بداية مساعيهما الإنسانية المشتركة بين مجتمعيهما وديانتيهما. وبما أن ليفور وكريم كانا على يقين بأن النسبة الكبرى من برادفورد لا تزال تعاني من الحرمان والتطرف وأن المساعي المحدودة التي بذلاها لم تضع حدًّا للتمييز والفصل بين المسلمين وغير المسلمين، قررا محاولة تعميم روح التعاون التي تجمعهما.

تخطي الراديكالية والتعصب وسوء التفاهم

كان الانتحاريون الأربعة الذين نفذوا الهجمات الانتحارية المدمرة التي وقعت في 7 تموز/يوليو 2007 وسط العاصمة لندن يعيشون كلهم بالقرب من برادفورد.[xxxi] بسبب ارتفاع معدل البطالة الساحق بين الشباب وفرص التعليم البائسة، يظل شباب المدينة عرضة للدعايات التي ينشرها المتطرفون. ويلفت كريم قائلاً: “تنظر إلى أولئك الذين قتلوا لي ريغبي، باسم الإسلام على ما يزعمون، وتسأل: ما الذي يدفع هؤلاء الشبان إلى هذا القدر من الراديكالية والغضب والتعصب؟” ويصرح كريم آملاً إيجاد جواب لسؤاله: “أنا أشعر فعلاً وبشدة بأن السبيل إلى المضي قدمًا هو بالحوار بين الأديان – ربما من خلال الطعام، ربما من خلال زيارة كنيس يهودي أو مكان عبادة آخر.”[xxxii] إن الحوار بين الأديان ضروري لتعايشها. ويوضح في هذا الصدد المتحدث باسم مجلس مساجد برادفورد اشتياق أحمد: “تعمد الأقلية إلى التقارب والانغلاق على نفسها ولا تتقدم سريعًا خوفًا من خسارة هويتها أو إضعافها.”[xxxiii] وحين ينغلق المجتمع المحلي على نفسه ويرفض التفاعل مع مجتمع آخر، تزرع بذلك بذور قلة الثقة وسوء التفاهم.

في محاولة لتخطي حاجز قلة الثقة وسوء التفاهم القائم بين المسلمين وغير المسلمين في برادفورد، بدأ نظام التعليم في المدينة بالتركيز على التسامح والتوعية ما بين الثقافات، كما شرع بعض المعلّمين بتسهيل التبادلات بين الطلاب المتحدرين من مجتمعات مختلفة. وبعد أحد هذه التبادلات الذي ضمّ تلامذة صغار السن من مدرسة شيرلي مانور الابتدائية وأطفالاً من عائلات مسلمة، سُمع تلامذة شيرلي مانور يقولون: “ولكنهم في الواقع يحبون البيتزا. ويشاهدون التلفاز. حتى أن أحدهم يملك جهاز إكس بوكس!”[xxxiv] وليست هذه الردود سخيفة على الإطلاق، فهي تبين كيف تحرَّف الأفكار التي نملكها عن “الآخر” بشكل كبير أو كيف تكون خاطئة كليًا حين ينعدم التفاعل بين المجتمعات، وكيف أن الحوار والتفاعل والاهتمامات المشتركة قد تبطل هذا النوع من سوء التفاهم وتوضحه.

علاوةً على ذلك، استند كريم إلى خبرته السابقة في تنظيم مهرجان الكاري الدولي الشهير ليبلور بمساعدة ليفور خطة حذقة هدفها توحيد المجتمعات المحلية المتباعدة في برادفورد، حيث جمعت الخطة أبناء هذه المجتمعات حول شيء مشترك بينهم جميعًا، وهو حب الطعام اللذيذ. وبناءً على خطة كريم، دعت العائلات اليهودية أفرادًا من المسلمين والمسيحيين إلى عشاء تقليدي يقام مساء الجمعة احتفاءً بيوم السبت اليهودي، وبعد ذلك أعدّ المسلمون إفطارًا رمضانيًا خاصًا تشاركوه مع جيرانهم اليهود والمسيحيين، فيما قام المسيحون بدورهم بتحضير وجبة إنجليزية تقليدية شملت “فطيرة الراعي،” وهي عبارة عن فطيرة لحم مع البطاطا المهروسة، حلال من أجل الاحتفال بمهرجان الحصاد.[xxxv] وبذلك أثبت كريم وليفور أن الطعام “يجمع الناس سويًا”.[xxxvi]

من مدينة منقسمة إلى مدينة الملاذ الآمن

صحيحٌ أن التوتر العنصري يعود إلى فترة بعيدة ولن يختفي بين ليلة وضحاها سيما وأن جذوره متغلغلة عميقًا في النفوس، ولكن الحوار بين الأديان والحملات التي لا تكل ولا تتعب ضد التعصب بدأت تتكلل بالنجاح، لا بل أنها تمكنت من القضاء على غالبية الحواجز التي تقف منذ عقود أمام العِشرة بين الثقافات في المدينة. ففي الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2008، وصلت إلى برادفورد حركة تعرف باسم “سيتي أوف سانكتشواري” أي “مدينة الملاذ الآمن.” وتهدف هذه الحركة إلى “تكوين ثقافة الضيافة البلدية تجاه الأشخاص الباحثين عن ملاذ آمن” وإلى “تبديد الأفكار الخاطئة عن اللاجئين.”[xxxvii] وبعد سنتين، أعلنت الحركة مدينة برادفورد “ملاذًا آمنًا” في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، لتصبح بذلك برادفورد المدينة الثالثة من هذا النوع في المملكة المتحدة.[xxxviii] ويتولى أحد مندوبي الحركة تفسير هذا القرار معلنًا أن برادفورد أصبحت “مكانًا تلتزم فيه علنًا مجموعة واسعة من المنظمات المحلية والمجموعات الأهلية والأديان وكذلك الحكومة المحلية بالترحيب بالأشخاص الباحثين عن ملاذ آمن وبإشراكهم فيها.”[xxxix]

وعرف التزام برادفورد بالتسامح ذروته في 28 آب/أغسطس 2010 حين جابت مسيرة تحريضية في شوارع المدينة بمبادرة من حركة اليمين المتطرف “رابطة الدفاع الإنجليزية”. فقد اعتقدت هذه الحركة أنها تستطيع استغلال الانقسامات العرقية والدينية التي تشهدها المدينة من أجل “إشعال برميل البارود بين المجتمعات المحلية”.[xl] وفيما سارت الحشود في شوارع المدينة متنافرة ما بين متعصب من اليمين المتطرف ومشاغب من مفتعلي المشاكل في مباريات كرة القدم وأخذوا يرمون الزجاجات والحجارة في طريقهم، أظهر سكان برادفورد رباطة جأش ملفتة وتضامنًا لا غبار عليه. فأقيمت الصلوات في كنائس المدينة، وقدّم المسلمون المرطبات لعناصر الشرطة، وعلّقت النساء من مختلف الخلفيات أشرطة السلام فوق الشوارع، أما الشبان الذي تثار حماستهم بسهولة فتم إبقاؤهم بعيدًا عن التظاهرة قبل حدوثها[xli]. وحين انتهى كل شيء غادرت الحشود الحقودة المدينة دون أن تنجح في إطلاق شرارة التوترات.

في الواقع، يبدو مستقبل كنيس “ريفورم” واعدًا في هذه البيئة الجديدة. إذ لم تمضِ سنة على المحادثة الأولى بين ليفور وعلي حتى تلقى الكنيس الدفعة الأولى من منحة اليانصيب بقيمة 103 آلاف جنيه استرليني، في حين تعهّد المجلس البلدي بمنح الكنيس مبلغًا إضافيًا قدره 25 ألف جنيه استرليني.[xlii] ويقرّ ليفور بأنها “كانت مفاجأة سارة جدًا” وتجسيدًا “لميتزفا (وصية) حقيقية”، ويردف قائلاً: “لقد سررت حتمًا باختبار كل هذا الكرم وخصوصًا في هذه المرحلة من حياتي. فقد كنت أمين الكنيس منذ العام 1953 وهذا العمل هو أضخم ما حدث معنا.”[xliii] في المقابل يعرب كريم عن شعور مماثل لافتًا: “أنا فخور بأننا نستطيع حماية جيراننا.”[xliv] ويتوسع في فكرته ليضيف بصدق “حين التقيت [ليفور] شعرت وكأنه والدي أو جدي. لو كان أحد مشايخ مجتمعي، لوقفت إلى جانبه في وقت الشدة. لقد شعرت أنه من واجبي أن أساعده كما لو كان فردًا من عائلتي.”[xlv] واليوم لا تزال أواصر الصداقة تربط بين هذين الشخصين اللذين كان تحالفهما مستبعدًا في يوم ما. وحين يغادر ليفور المنطقة في عطلة، لا يتردد بتاتًا في ائتمان كريم على مفاتيح الكنيس.[xlvi] ومع ذلك يلفت كريم بنبرة جدية إلى أن “الكثير من الناس يبدون مصدومين برؤية اليهود والمسلمين يعملون يدًا بيد، في حين أنك لا تسمع عن برادفورد سوى الأخبار السيئة.”[xlvii]

 

تعلّم المزيد

المقالات

Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.

http://www.theguardian.com/uknews/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.

http://www.haaretz.com/jewish-world/jewish-world-features/in-one-hard-knock-british-citya-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

Bradford Muslims Rally to Save Synagogue From Closure.

http://www.huffingtonpost.co.uk/2013/03/19/bradford-synagogue-muslims_n_2908254.html

Rudi Leavor- Berlin-Bradford http://holocaustlearning.org/survivors/Rudi-Leavor

 


[i] “UK OBSERVATION : ARCHIVE.” Satanic Verses Bookburning. Bradford, UK. 14 January 1989. Web. 10 Feb. 2015. http://garryclarkson.photoshelter.com/image/I0000EcCGk1pcbaY

[ii] Ward, Graham P., True Religion, Malden, MA, Blackwell Publishers Ltd., 2003, p. 142

[iii] Rule, Sheila, “Khomeini Urges Muslims to Kill Author of Novel.” The New York Times. 14 Feb. 1989. 29 Jan. 2015. http://www.nytimes.com/1989/02/15/world/khomeini-urges-muslims-to-kill-author-ofnovel.html

[iv] “From Threats Against Salman Rushdie To Attacks On ‘Charlie Hebdo’,” NPR. Web. 27 Feb. 2015.

http://www.npr.org/blogs/parallels/2015/01/08/375662895/from-threats-against-salman-rushdie-toattacks-on-charlie-hebdo

[v] Weisman, Steven R. “Japanese Translator of Rushdie Book Found Slain.” The New York Times, 12 July 1991. Web. 11 Feb. 2015. http://www.nytimes.com/1991/07/13/world/japanese-translator-of-rushdiebook-found-slain.html

[vi] Ibid.

[vii] Ibid.

[viii] Goodhart, David. “A Tale of Three Cities.” Prospect Magazine. 20 June 2011. Web. 17 Jan. 2015.

http://www.prospectmagazine.co.uk/features/bradford-burnley-oldham-riots-ten-years-on

[ix] Ibid.

[x] Ibid.

[xi] “UK Muslim Demographics.” The Telegraph. 04 Feb. 2011. 30 Jan. 2015.

http://www.telegraph.co.uk/news/wikileaks-files/london-wikileaks/8304838/UK-MUSLIMDEMOGRAPHICS-C-RE8-02527.html

[xii] Goodhart, David. “A Tale of Three Cities.” Prospect Magazine. 20 June 2011. Web. 17 Jan. 2015.

http://www.prospectmagazine.co.uk/features/bradford-burnley-oldham-riots-ten-years-on

[xiii] Bagguley, Paul, and Yasmin Hussein. “The Bradford “Riot” Of 2001: A Preliminary Analysis.” Leeds University. 23 Apr. 2013. Web. 16 Jan. 2014.

http://www.leeds.ac.uk/sociology/people/pbdocs/Bradfordriot.doc

[xiv] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan.

2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

[xv] Rudi’s Story, Chapter 2.” Holocaust Learning. Web. 17 Jan. 2015.

http://holocaustlearning.org/uploads/pdf/Rudi_chapter_2.pdf

[xvi] Rudi’s Story, Chapter 3.” Holocaust Learning. Web. 17 Jan. 2015.

http://holocaustlearning.org/uploads/pdf/Rudi_chapter_3.pdf

[xvii] Rudi’s Story, Chapter 6.” Holocaust Learning. Web. 17 Jan. 2015.

http://holocaustlearning.org/uploads/pdf/Rudi_chapter_6.pdf

[xviii] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17

Jan. 2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslimsjews

[xix] Ditmars, Hadani. “In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.”

Haaretz. 21 May 2013. Web. 04 Feb. 2015. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewish-worldfeatures/

in-one-hard-knock-british-city-a-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

[xx] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan.

2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

[xxi] Ibid.

[xxii] Ibid.

[xxiii] Ibid.

[xxiv] Ibid.

[xxv] Ibid.

[xxvi] Ditmars, Hadani. “In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.” Haaretz. 21 May 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewishworld-features/in-one-hard-knock-british-city-a-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

[xxvii] Elgot, Jessica. “Bradford Muslims Rally to Save Synagogue From Closure.” The Huffington Post. 19 Mar.2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.huffingtonpost.co.uk/2013/03/19/bradford-synagoguemuslims_

n_2908254.html

[xxviii] Ditmars, Hadani. “In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.” Haaretz.21 May 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewishworld-features/in-one-hard-knock-british-city-a-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

[xxix] Ibid.

[xxx] Galloway, George. “Bradford’s Muslim Community and Its Last Remaining Synagogue.”

www,parliament.uk. 6 Mar. 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.parliament.uk/edm/2012-13/1149

[xxxi] Shackle, Samira. “The Mosque’s Aren’t Working in Bradistan.” NewStatesman. 20 Aug. 2010. Web. 20 Jan. 2015. http://www.newstatesman.com/society/2010/08/bradford-british-pakistan

[xxxii] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan.2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

[xxxiii] Shackle, Samira. “The Mosque’s Aren’t Working in Bradistan.” NewStatesman. 20 Aug. 2010. Web. 20 Jan. 2015. http://www.newstatesman.com/society/2010/08/bradford-british-pakistan

[xxxiv] Barnard, Adam. “Children Create Cross-cultural Harmony.” The Guardian. 12 Jan. 2010. Web. 17 Jan.2015. http://www.theguardian.com/education/2010/jan/12/cross-cultural-friendships?guni=Article:inbody link

[xxxv] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslimsjews

[xxxvi] Ditmars, Hadani. “In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.” Haaretz.21 May 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewishworld-features/in-one-hard-knock-british-city-a-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

[xxxvii] “Cities of Migration.” Cities of Sanctuary, Communities of Welcome. 11 July 2009. Web. 11 Feb. 2015. http://citiesofmigration.ca/good_idea/cities-of-sanctuary-communities-of-welcome/

[xxxviii] “Bradford City of Sanctuary.” City of Sanctuary. Web. 11 Feb. 2015.

http://www.cityofsanctuary.org/bradford

[xxxix] “Bradford Awarded ‘City of Sanctuary’ Status!” City of Sanctuary, 22 Nov. 2012. Web. 11 Feb. 2015.

http://www.cityofsanctuary.org/news/985/bradford-awarded-status

[xl] Hope Over Hate.” The Economist. 3 Mar. 2011. Web. 17 Jan. 2015.

http://www.economist.com/node/18289262

[xli] Ibid.

[xlii] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan.

2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

[xliii] Ditmars, Hadani. “In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.” Haaretz. 21 May 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewishworld-features/in-one-hard-knock-british-city-a-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

[xliv] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan 2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

[xlv] Ditmars, Hadani. “In One Hard-knock British City, a Secret Muslim Donor Helps save a Synagogue.” Haaretz. 21 May 2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.haaretz.com/jewish-world/jewishworld-features/in-one-hard-knock-british-city-a-secret-muslim-donor-helps-save-a-synagogue.premium-1.525183

[xlvi] Pidd, Helen. “Bradford Synagogue Saved by City’s Muslims.” The Guardian. 20 Dec. 2013. Web. 17 Jan.2015. http://www.theguardian.com/uk-news/2013/dec/20/bradford-synagogue-saved-muslims-jews

[xlvii] Elgot, Jessica. “Bradford Muslims Rally to Save Synagogue From Closure.” The Huffington Post. 19 Mar.2013. Web. 17 Jan. 2015. http://www.huffingtonpost.co.uk/2013/03/19/bradford-synagoguemuslims_n_2908254.html