إنكار الهولوكست وتزوير وقائعها

Auschwitz-Birkenau_abgebrannte_Barracken

ماذا يعني إنكار الهولوكوست وتزوير وقائعها؟

إنّ إنكار الهولوكوست هو محاولة لنفى الوقائع المؤكده لحدوث الإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون بحق يهود أوروبا. وأبرز الحقائق المؤكده التي يتم التشكيك فيها على سبيل المثال، هى أن مقتل نحو ستة ملايين يهودى خلال الحرب العالمية الثانية لم يحدث قط، وأن النازيين لم يتبنوا أية سياسة رسمية أو نية للقضاء على اليهود، وأن حجرات الغاز السام في معسكر أوشفيتز – بيركينو لم يكن لها وجود البتة.

ثم ظهر منحىً أخر في هذا الإطار وهو تزوير وقائع الهولوكوست. مثل القول بأن عدد الوفيات البالغ ستة ملايين يهودى مبالغ فيه، وأن الوفيات فى معسكرات الاعتقال نتجت عن الأمراض أو الجوع  وليس عن السياسة الممنهجة للقضاء على اليهود، وأن مذكرات آن فرانك مزورة.

وبعيدا عن الإنكار والتزوير تأتى ظاهرة التهوين من كارثة الهولوكوست والاستخفاف بها. يحدث هذا عند مقارنة بعض مما حدث لليهود خلال الهولوكوست بأشخاصٍ أو أحداث أو حالات لا تضاهى عمليات الإبادة الجماعية. والأمثلة على ذلك تتجلى عند الادعاء بأن الحكومة الإسرائيلية تقوم بافعال مماثلة لما قام به النازيون، وتشبيه معاملة الحيوانات بمعاملة اليهود وغيرهم من الضحايا خلال الهولوكوست، ووصف الخصوم السياسيين بالنازيين، وإساءة استخدام المصطلحات الخاصة بالهولوكوست للتأكيد بأن أفعالاً معينة تماثل تلك التى ارتكبها النازيون.

إنّ إنكار الهولوكوست وتزوير وقائعها والتهوين من مدى بشاعتها كلها أفعال تقوّض فهم التاريخ. كما أن إنكار الهولوكوست وتحريفه يعكس معاداةً  مستمر للسامية.

ما العلاقة بين إنكار الهولوكوست وتزوير وقائعها ومعاداة السامية؟

الهولوكوست واحدة من أكثر الأحداث التى تم توثيقًها في التاريخ. ويتم عمومًا إنكار الهولوكوست وتزوير وقائعها بدافع كره اليهود انطلاقًا من الادعاء القائل إن اليهود اختلقوا الهولوكوست أو بالغوا بشانها في إطار مؤامرة لدعم مصالحهم. تنطوى هذه النظرة على نشر أفكار نمطية معادية للسامية تعود إلى فترة بعيدة وذلك باتهام اليهود بالتآمر والسيطرة على العالم، وهى تهم بغيضة شكلت أساسا لارتكاب الهولوكوست.

لماذا يتم إنكار الهولوكوست أوتزوير حقائقها أو الاستخفاف بها؟

 يهدف إنكار الهولوكوست وتزوير وقائعها و الاستخفاف بها إلى تحقيق أهداف عدة، منها:

  • الحد من التعاطف مع اليهود
  • التشكيك فى شرعية دولة إسرائيل التى يعتقد البعض أنها أنشأت كتعويض عن المعاناة اليهودية خلال الهولوكوست
  • زرع بذور الشك حول اليهود والهولوكوست
  • لفت الانتباه إلى مسائل أو وجهات نظر معينة

ما السبيل إلى اكتشاف مظاهر إنكار الهولوكوست وتزوير وقائعها؟

إنّ دوافع إنكار الهولوكوست وتحريف وقائعها هي مخططات لا تمت بصلة للهولوكوست ولا بالتوصل إلى فهم أعمق لحدث تاريخي موثق. إذ يدّعى بعض من ينكرون الهولوكوست المدعوون بـ”التنقيحيين” بأنهم علماء حقيقيون، فى حين أنهم يتلاعبون بالوقائع لدعم موقف إيديولوجى معين، فيخفون نواياهم المعادية للسامية تحت غطاء حرية التعبير ويزعمون أنهم يقدمون نسخة بديلة عن تاريخ الهولوكوست. لكن بما أن العلماء الشرعيون لا يشكون في وقوع الهولوكوست، لا يلعب إنكار الهولوكوست أى دور في الجدل التاريخى المشروع. أما إذا أردنا تقييم الخانة التى يقع فيها ادعاء معين، أى في خانة الإنكار أو التحريف، فيجب الأخذ فى الاعتبار التالى:

  • هل المصدر موثوق به؟ هل ذكر المصدر مزاعم تاريخية أخرى مبالغ فيها أو خاطئة؟
  • هل يستعرض المصدر وقائع مختارة لدعم فكرته؟
  • هل يتبع المصدر طرق مقبولة في البحث التاريخى؟
  • هل يكشف المصدر عن إيديولوجية أو معتقدات معينة؟
  • هل تتماشى الفكرة المطروحه مع تاريخ الهولوكوست المقبول عمومًا؟
  • ما الذي يريدك المصدر أن تصدقه بعد طرح المعلومات عليك؟

هل إنكار الهولوكوست أمرٌ غير شرعى؟

حرية التعبير حقٌّ يضمنه دستور الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك لا يعتبر إنكار الهولوكوست أو إلقاء الخطاب المعادى للسامية  مخالفا  للقانون فى الولايات المتحدة، إلا فى حال وجود خطر وشيك بوقوع العنف. ولكن فى العديد من الدول الأخرى وتحديدًا في أوروبا حيث حدثت الهولوكوست، ثمة قوانين تجرّم إنكار الهولوكوست وخطاب الكراهية. ويشار إلى أن هذه المرجعيات القانونية المتفاوتة تعرقل إرساء معايير وقواعد عالمية شاملة لمكافحة مظاهر إنكار الهولوكوست.

أين تسود مظاهر إنكار الهولوكوست وتزويرها؟

تشكل شبكة الإنترنت اليوم الأداة الرئيسية لتداول إنكار الهولوكوست، وذلك بسبب سهولة الوصول إليها ونشر المعلومات عليها، بالإضافة إلى السرية الظاهرة التي تؤمّنها للمستخدم، والسلطة التى يُعتقد أنها تملكها.

لماذا من الضروري أن اهتم بمسألة إنكار الهولوكوست وتزويرها؟

يعدّ إنكار التاريخ وتزوير وقائعها اعتداءً على الحقيقة والفهم.

إذ يلعب فهم الماضى وذكرياته دورًا جوهريًا فى كيفية فهمنا لأنفسنا ولمجتمعنا ولأهدافنا للمستقبل. لذلك فإن إنكار أو تزوير سجلات التاريخ يهدد فهم المجتمعات لكيفية الحفاظ على الديمقراطية والحقوق الفردية.

لقد بدأ اضطهاد النازيون لليهود بكلمات تنم عن الكره، وتصاعد إلى التمييز ضدهم وتجريدهم من صفة الإنسانية لينتهى الأمر إلى الإبادة الجماعية. وصحيحٌ أن اليهود تكبدوا عواقب مهولة جراء ذلك، إلا أن نكبة العذاب والموت لم تحلّ عليهم وحدهم، فقد وقع الملايين غيرهم ضحية للأذى والتهجير والاستعباد والقتل. بيد أن الهولوكوست يثبت أنه عندما تكون جماعة واحدة مستهدفة، يكون كل الناس ضعفاء. واليوم، فى عالمٍ تتنامى فيه المعاداة للسامية، بات إدراك هذه الحقيقة جوهريًا. فالمجتمع الذى يتساهل مع معاداة السامية معرضٌا لأشكال أخرى من التمييز العنصرى والكراهية والظلم.

كيف أكافح مظاهر إنكار الهولوكوست؟

حقوق النشر © محفوظة لمتحف ذكرى الهولوكوست فى الولايات المتحدة، العاصمة واشنطن.