مصر

Cairo USCIRF_1

التقرير السنوى العام 2015 للجنة الولايات المتحدة للحرية الدينية الدولية – مصر​

تُعتبر اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) كيان منفصل ومستقل عن وزارة الخارجية. تم أنشأها من قبل الكونجرس الأمريكي، وهي هيئة استشارية حكومية أميركية مستقلة ومؤيدة من الحزبين وتعمل على مراقبة الحرية الدينية في جميع أنحاء العالم، وتقدم التوصيات السياسة للرئيس ووزير الخارجية والكونغرس. تستند توصيات اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) على ولايتنا القانونية والمعايير المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والوثائق الدولية الأخرى. يمثل التقرير السنوي لعام 2015 تتويجا للعمل على مدار عام من قبل المفوضين والموظفين المختصين لتوثيق الانتهاكات على الأرض وتقديم التوصيات السياسة المستقلة إلى حكومة الولايات المتحدة. التقرير السنوي لعام 2015 يغطي الفترة من 31 يناير لعام 2014 حتى 31 يناير لعام 2015، على الرغم من ورود بعض الأحداث الهامة التي وقعت بعد هذا الإطار الزمني. 

مصر

النتائج الرئيسية

منذ توليه منصبه في يونيو حزيران عام 2014، صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدة بيانات وإيماءات عامة هامة تشجع التسامح الديني وحثت على اجراء تغييرات على المناهج الدينية، وهو تحولا كبيرا في اللهجة والخطاب عن أسلافه. على وجه الخصوص، ألقى الرئيس السيسي كلمة أمام كبار المرجعيات الدينية الإسلامية في جامعة الأزهر تدعو إلى إجراء إصلاحات؛ حيث كان أول رئيس دولة يحضر قداس عشية عيد الميلاد القبطي؛ قدم تعازيه شخصيا إلى قداسة البابا القبطي تواضروس بعد مقتل 21 من الأقباط في ليبيا. إضافة إلى ذلك، كان هناك انخفاض في عدد الهجمات التي تستهدف الطائفية بالمقارنة مع العام السابق. ومع ذلك، فإن الحكومة المصرية لم تقم بالحماية الكافية للأقليات الدينية، وخاصة الأقباط المسيحيين الأرثوذكس وممتلكاتهم، من العنف المتكرر. إذ أن القوانين والسياسات التمييزية والقمعية التي تحد من حرية الفكر والضمير والدين أو المعتقد لا تزال تراوح مكانها. ولا تزال المحاكم المصرية تقوم بالمحاكمات، وتُصدر أحكام إدانة، وسجن المواطنين المصريين بتهمة التجديف، وقد ظهرت خلال العام المبادرات الحكومية الجديدة لمواجهة الإلحاد. ورغم أن الدستور لعام 2014 يتضمن تحسينات فيما يتعلق بحرية الدين أو المعتقد، إلا أن تفسير وتنفيذ الأحكام ذات الصلة لا يزال غير الواضح، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم وجود برلمان منتخب. وبناء على هذه المخاوف، للعام الخامس على التوالي، توصي اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) في عام 2015 أن تحدد مصر باعتبارها “دولة تثير قلقا خاصا”، أو بلد مصدر قلق خاص (CPC)، بموجب قانون الحرية الدينية الدولية (IRFA). وسوف تواصل اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) مراقبة الوضع عن كثب لتحديد ما إذا كانت التطورات الإيجابية تستدعي تغيير في مكانة مصر في التقرير السنوي للعام المقبل. 

معلومات أساسية

خلال الفترة المشمولة بالتقرير، واصلت مصر عملية الانتقال السياسي المضطرب في أعقاب يوليو 2013 للاطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي من قبل الجيش، بقيادة اللواء عبد الفتاح السيسي آنذاك. واصلت الحكومة المؤقتة تنفيذ خارطة الطريق لتعديل الدستور واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. في يناير 2014،أسفر الاستفتاء الذي أجري عن الموافقة بأغلبية ساحقة على الدستور الجديد، وفي مايو، انتخب السيسي الرئيس بما يقرب من 97 في المئة من الأصوات وبلغت نسبة المشاركة 47.5 في المئة من الناخبين المصريين المؤهلين. تم تأجيل الانتخابات البرلمانية، المقرر أصلا لشهري مارس وأبريل عام 2015، إلى أجل غير مسمى بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بأن قانون الدوائر الانتخابية غير دستوري لأنه لا يضمن تمثيلا عادلا. ولا يمكن أن تطبق بعض التحسينات على أحكام الحرية الدينية في الدستور حتى يستقر برلمان جديد. 

على الرغم من حث الرئيس السيسي على التسامح الديني والاعتدال في العديد من التصريحات العلنية خلال العام، بما في ذلك في الكلمة التي ألقاها في يناير 2015 في جامعة الأزهر، فإن جهود الحكومة لمكافحة التطرف والإرهاب كان لها تأثير سلبي على أنشطة المجتمع المدني في البلاد. وكانت من بين النتائج قيودا صارمة على المعارضة وانتقاد الحكومة، مما أدى إلى وضع سيئ لحقوق الإنسان بشكل عام، بما في ذلك حرية الدين أو المعتقد. ولا زال المتعاطفين وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين والصحفيين والشخصيات المعارضة يتعرضون للمضايقة والسجن، كما تصدر بحقهم أحكام قاسية، بما في ذلك أحكام الإعدام لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين، وأحيانا على تهم أمنية شرعية، ولكن أيضا ليس لها أساس من الصحة. واستمرت احوال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعدم الاستقرار، حيث لم تتم إدانة غالبية مرتكبي الهجمات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الحوادث الواسعة النطاق التي وقعت بين عامي 2011 و 2013. ولا تزال مجتمعات الأقليات من البهائيين وشهود يهوه محظورة ولا تزال معاداة السامية قائمة في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة ووسائل الإعلام الشبه رسمية. 

أحوال الحرية الدينية 2014-2015

سيطرة الحكومة على المؤسسات الإسلامية: زادت الحكومة سيطرتها على كافة المؤسسات الدينية الإسلامية، بما في ذلك المساجد والأوقاف. وقد برر المسؤولون المصريون هذا النظام على أنه ضروري لمواجهة التطرف والإرهاب. في فبراير 2015، أيدت محكمة إدارية في مرسوم سبتمبر 2013 صادر من قبل وزارة الأوقاف يمنع الأئمة الذين ليسوا من خريجي الأزهر من الوعظ في المساجد المرخصة وغير المرخصة. أدى ذلك الحكم إلى إغلاق الآلاف من المساجد الصغيرة، وحظر مساجد غير مرخصة من إقامة صلاة الجمعة و فرض متابعة “نقاط الحديث” الحكومية في خطب الجمعة. وتقوم الحكومة بتعيين ودفع رواتب كافة الأئمة المسلمين السنة وتقوم بمراقبة الخطب. 

الأقباط المسيحيين، والعنف واستمرار الإفلات من العقاب

في يناير 2015، أصبح الرئيس السيسي أول رئيس للدولة المصرية يحضر قداس عشية عيد الميلاد القبطي في الكاتدرائية الأرثوذكسية القبطية المرقسية في القاهرة، وفي فبراير، اجتمع مع البابا تواضروس في الكاتدرائية وقدم تعزية بعد مقتل 21 من الأقباط في ليبيا على أيدي الدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIL). في حين أن المجتمع القبطي رحب بشكل عام تلك وغيرها من اللفتات الرمزية، ظلت القوانين القمعية والسياسات التمييزية ضد الأقباط تراوح مكانها، بما في ذلك التهم والإدانات بالتجديف وفرض قيود على بناء وصيانة الكنائس وقيود على التحول من الإسلام، وعدم المساءلة عن الهجمات العنيفة. 

خلال العام الماضي، انخفض عدد وشدة حوادث العنف التي استهدفت الأقباط وممتلكاتهم بشكل ملحوظ بالمقارنة مع العام السابق. ومع ذلك، استمرت أعمال العنف المتفرقة، وخاصة في صعيد مصر. في بعض الأرجاء من البلاد، زادت أجهزة الأمن المصرية حماية الكنائس خلال الأعياد الدينية الهامة، مما قلل من مستوى الخوف وانعدام الأمن بين أفراد المجتمع القبطي. بعد موجة العنف غير المسبوقة في صيف عام 2013، بما في ذلك العنف ضد لكنائس القبطيين وممتلكاتهم، شكلت الحكومة المصرية لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في الهجمات وتعهدت بمحاسبة المسؤولين عن العنف وإعادة بناء عشرات الكنائس التي كانت قد دمرت. في نوفمبر 2014، أصدرت الحكومة المصرية ملخصا تنفيذيا في تقريرها، حيث بين أن 52 من الكنائس قد دمرت تماما، و 12 أخرى الحق بها اضرار، وتم تدمير العديد من العقارات المملوكة للمسيحيين. وبين التقرير أيضا أن 29 شخصا لقوا حتفهم في أعمال القتل على أساس طائفي، من دون أي تفاصيل محددة المحيطة بحالات الوفاة. في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، وفقا لجماعات حقوق الإنسان، كانت 10 في المئة من الكنائس والممتلكات المسيحية المدمرة في طور إعادة بنائها. في ديسمبر 2014، حكم على نحو 40 من الجناة الذين ثبتت مسؤوليتهم عن الهجمات التي تمت على خمس كنائس في أسيوط بصعيد مصر بالسجن لمدد تتراوح بين سنة إلى 15 سنة. ولا زالت بعض القضايا الأخرى قائمة، ولم يتم تقديم الجناة للعدالة. في بعض الحالات، لم تجري الشرطة تحقيقات كافية، أحيانا بسبب الخوف من الانتقام ضدهم من قبل المتطرفين الذين يمارسون العنف. عدم القدرة على حماية الأقباط والأقليات الدينية الأخرى، والنجاح بمقاضاة المسؤولين عن العنف، يواصل تعزيز مناخ الإفلات من العقاب. 

قانون التجديف والقيود المفروضة على التعبير الديني

المادة 98 (و) من قانون العقوبات المصري يحظر المواطنين من “إزدراء أو تحقير أحد الأديان السماوية أو التحريض على الفتنة الطائفية.” تستخدم السلطات هذا القانون “إزدراء الأديان” أو الكفر لاحتجاز ومحاكمة وسجن أعضاء الجماعات الدينية التي تحيد ممارساتهم عن المعتقدات الإسلامية السائدة أو التي تؤدي أنشطتهم المزعومة إلى تعريض “الوئام بين الطوائف” للخطر أو إهانة اليهودية أو المسيحية أو الإسلام. في يناير 2015، أصدر السيد الرئيس السيسي مرسوما يسمح للحكومة بحظر أي منشورات أجنبية تراها مسيئة للدين. 

ازدادت قضايا التجديف منذ عام 2011، واستمر هذا الاتجاه خلال الفترة المشمولة بالتقرير. في حين أن معظم التهم التي وجهت ضد المسلمين السنة، كان غالبية اؤلئك الذين حكمت عليهم المحكمة بالسجن بتهمة التجديف هم من المسيحيين والمسلمين الشيعة، والملحدين، بناء على محاكمات غير عادلة عموما. في يونيو 2014، قضت محاكم منفصلة في الأقصر أحكاما تصل لمدة ست سنوات بالسجن على أربعة أشخاص بتهمة ازدراء الدين، بما في ذلك المسيحي القبطي كيرلس شوقي عطا الله، الذي حكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات لنشره الصور على إحدى صفحات الفيسبوك تعتبر قذفا للإسلام. في فبراير 2014، حكمت محكمة جنح الجمالية على عمرو عبد الله، الشيعي المصري، بالسجن لمدة 5 سنوات مع الاشغال بتهم ازدراء الأديان والإساءة إلى صحابة النبي محمد لمحاولته احياء مراسم عاشوراء الشيعة في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة. في يونيو 2014، حكم على بيشوي أرميا، المعروف سابقا باسم محمد حجازي، بالسجن لمدة خمس سنوات جراء إعتناقه للمسيحية والذي كان من بين أوائل من قاموا بتغيير ديانتهم قانونيا من الإسلام إلى المسيحية والعمل كصحفي وإعداد التقارير عن أنشطة معادية للمسيحية في المنيا بصعيد مصر. كما وجهت إليه في يوليو، تهمة “إهانة الإسلام”، وهي الاتهامات التي قدمت سابقا ضده في عام 2009. وفي ديسمبر كانون الاول عام 2014، اسقطت محكمة الاستئناف بعض التهم، ولكن، في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، بقي أرميا في السجن بتهمة التجديف. 

شهد الملحدين المصريين ارتفاعا في تهم التجديف خلال العام الماضي، فضلا عن تزايد المضايقات الاجتماعية ومختلف حملات الحكومة المصرية لمواجهة الإلحاد. في ديسمبر 2014، نشرت دار الإفتاء، وهي الكيان التابع لوزارة العدل الذي يصدر الفتاوى الدينية، استقصاء يزعم أن مصر كانت موطن 866 من الملحدين، ومن المفترض أن يكون “أكبر عدد” من أي بلد في الشرق الأوسط. وافاد مسؤولان من مكتب مفتي جمهورية مصر العربية – الذي يرأس دار الإفتاء – علنا أن ذلك يُعد ” تطورا خطيرا”. في يونيو عام 2014، بدأت وزارات الأوقاف والشباب والرياضة حملة وطنية لمكافحة انتشار الإلحاد بين الشباب المصري. في مارس 2014، ذكر مسؤول رفيع المستوى من وزارة الداخلية علنا بأنه سيتم تشكيل قوة مهمات الشرطة الخاصة لاعتقال مجموعة من الملحدين بالإسكندرية الذين عبروا عن معتقداتهم في الفيسبوك ومنصات وسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى. في يناير 2015، صدر على الطالب المصري الملحد كريم البنا حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التجديف لأن المحكمة وجدت بعض من منشوراته على الفيسبوك تشير إلى “التقليل من شأن الذات الإلهية”. وفي مارس 2014، أيدت محكمة مصرية حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة “احتقار للدين” للمؤلف المصري كرم صابر لنشر كتاب يشكك في وجود الله. 

البهائيين وشهود يهوه

تم حظر البهائيين وشهود يهوه منذ عام 1960 بموجب مراسيم رئاسية. ونتيجة لذلك، فإن البهائيين الذين يعيشون في مصر غير قادرين على الالتقاء أو المشاركة في الأنشطة الدينية العامة. وقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر فتوى على مدى السنوات تحث على استمرار الحظر المفروض على الطائفة البهائية وإتهام أعضائها على أنهم مرتدين. في ديسمبر 2014، عقدت وزارة الأوقاف ورشة عمل لزيادة الوعي حول “المخاطر المتزايدة” لانتشار الديانة البهائية في مصر. نظرا لعدم الاعتراف بزواج البهائية فإن البهائيين المتزوجين لا يمكنهم الحصول على بطاقات هوية، مما يجعل إجراء المعاملات اليومية مثل الأعمال المصرفية، والتسجيل في المدارس، أو ملكية السيارة أمرا مستحيلا. في السنوات الأخيرة، سمحت الحكومة لشهود يهوه أن تجتمع في المنازل الخاصة في مجموعات من أقل من 30 شخصا، على الرغم من طلب الجماعة للاجتماع بأعداد أكبر. لا يسمح أن يكون لشهود يهوه أماكن عبادة خاصة بهم أو استيراد الكتب المقدسة وغيرها من المؤلفات الدينية. خلال العام الماضي، واصل مسؤولوا الأمن مضايقة وتخويف شهود يهوه من خلال مراقبة أنشطتهم، واتصالاتهم، وتهديد الجماعة بتكثيف القمع إذا لم تزودهم بقوائم العضوية.

معاداة السامية والجالية اليهودية

في عام 2014، استمرت مواد تشويه صورة اليهود مع الصور النمطية المعادية للسامية التاريخية والجديدة على حد سواء في الظهور في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة وفي وسائل الإعلام شبه الرسمية في مصر. وتشمل هذه المواد الرسوم الكاريكاتورية المعادية للسامية وصور اليهود والرموز اليهودية التي تشوه صورة إسرائيل أو الصهيونية، ومقارنات بين القادة الإسرائيليين وهتلر والنازيين، ونصوص إنكار الهولوكوست. فشلت السلطات المصرية في اتخاذ خطوات كافية لمكافحة معاداة السامية في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة. الطائفة اليهودية التي كانت مزدهرة في مصر لم تعد الآن سوى بقايا صغيرة تتكون من أقل من 20 شخصا. وتمتلك الملكية الجماعية وتقوم بتمويل الصيانة المطلوبة من خلال التبرعات الخاصة إلى حد كبير. 

الدستور المصري

هناك بعض التغييرات المشجعة في يناير 2014 الذي يمكن أن يبشر بالخير بالنسبة للحرية الدينية. تم إزالة العديد من إشكاليات الأحكام من دستور 2012: مادة تحدد بدقة أحكام الشريعة الإسلامية؛ مادة قد تعطي الأزهر دور استشاري في مراجعة التشريعات؛ ومادة تحظر بشكل فعال الكفر. إضافة إلى ذلك، تتطلب المادة 235 الجديدة من البرلمان المقبل تمرير القانون الذي يحكم بناء وترميم الكنائس. هذا ممكن أن يرفع المطلب القائم منذ فترة طويلة من أجل الموافقة الحكومية لبناء أو ترميم الكنائس، والتي كانت بمثابة تبرير للعنف الطائفي المتعلق باستهداف المسيحيين. في حين تنص المادة 64 على أن “حرية الاعتقاد مطلقة”، مثل دستور عام 2012، فإن هذه المادة تحد من حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لسوى الأديان “الإلهية”: الإسلام والمسيحية واليهودية. 

سياسة الولايات المتحدة

لقد ركزت سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر لسنوات عديدة على تعزيز العلاقات الثنائية القوية، واستمرار التعاون الأمني والعسكري، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، والحفاظ على اتفاقات كامب ديفيد للسلام عام 1979. واعتبرت الإدارات المتعاقبة مصر حليفا رئيسيا في المنطقة. إن مصر هي من بين أكبر خمسة بلدان في العالم متلقية للمساعدات الأمريكية. يقدم قانون المخصصات الموحد للعام 2015 لمصر 1.3 مليار دولار من خلال برامج التمويل العسكري الخارجي الأمريكي (FMF) و 150 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي (ESF)، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة عقود. خلال الفترة المشمولة بالتقرير، حثت إدارة أوباما الحكومة المصرية علنا لتحقيق تقدم في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك على بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان، على الرغم من أنها أقل من ذلك على قضايا محددة للحرية الدينية مما كانت عليه في السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011. 

يضع كل من قانون العام 113-235 وقانون المخصصات الموحد لعام 2015 شروط للمساعدات الأمريكية لمصر تتعلق بقيود حقوق الإنسان، بما في ذلك الحرية الدينية. على وجه التحديد، فإن الأمر يتطلب من وزير الخارجية المصادقة على أن مصر اتخذت خطوات للمضي قدما في العملية الديمقراطية، وحماية حرية التعبير، وحماية حقوق المرأة والأقليات الدينية، من بين أمور أخرى. ومع ذلك، كما يجيز القانون الوزير لتقديم المساعدة إلى مصر دون الحصول على مثل تلك الضمانات إذا كان هو أو هي قررت أن المساعدة مهمة لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة. في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، لم يصدر وزير الخارجية قرارا من شأنه أن التنازل عن المتطلبات ذات الصلة بضمانات حقوق الإنسان وإتاحة الفرصة لتقديم المساعدة. 

وفقا لوزارة الخارجية، أثار المسؤولين على كافة المستويات في الحكومة الأمريكية مجموعة من قضايا الحرية الدينية مع نظرائهم المصريين خلال الفترة المشمولة بالتقرير. عندما اجتمع الرئيس باراك أوباما مع الرئيس السيسي في سبتمبر 2014 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أثار الرئيس أوباما بعض بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان، على الرغم من أنه لم يكن من الواضح ما إذا تمت مناقشة أي قضايا الحرية الدينية. على الرغم من التوصية الصادرة عن اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) منذ عام 2011 بأن ينبغي تعيين مصرعلى أنها “دولة تثير قلقا خاصا”، لم تتخذ وزارة الخارجية هذا الإجراء. 

التوصيات

تواصل مصر مواجهه كل التقدم والنكسات خلال مرحلة انتقالها، حيث إن ذلك النجاح الذي يتوقف على الاحترام الكامل لسيادة القانون والامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الدين أو المعتقد. وبالإضافة إلى التوصية بأنه على حكومة الولايات المتحدة تحديد مصر دولة تثير قلقا خاصا، توصي اللجنة

الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) على أنه ينبغي على الحكومة الولايات المتحدة: 

  •  التأكد من أن قسم من المساعدات العسكرية الامريكية يستخدم لمساعدة الشرطة على تنفيذ خطة فعالة لحماية محددة للأقليات الدينية وأماكن عبادتهم، وتقديم الدعم المباشر لحقوق الإنسان والمجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية الأخرى لتعزيز حرية الدين أو المعتقد لكافة المصريين؛ 
  • الضغط على الحكومة المصرية لإجراء إصلاحات فورية لتحسين أوضاع الحرية الدينية، بما في ذلك: إلغاء مراسيم حظر عقائد الأقليات الدينية؛ إزالة الديانة من وثائق الهوية الرسمية؛ وإصدار قانون لبناء وإصلاح أماكن العبادة بعد تشكيل البرلمان الجديد؛
  • حث الحكومة المصرية على تنقيح المادة 98 (و) من قانون العقوبات، التي تجرم ازدراء الأديان، و في هذه الأثناء، توفير الضمانات الدستورية والدولية لسيادة القانون والإجراءات القانونية الواجبة لأولئك الأفراد المتهمين بانتهاك المادة 98 (و)؛ 
  • الضغط على الحكومة المصرية لمقاضاة مرتكبي العنف الطائفي من خلال النظام القضائي، وضمان أن المسؤولية عن الشؤون الدينية ليست ضمن اختصاص وكالة الأمن الداخلي، والتي ينبغي أن لا تتعامل إلا مع مسائل الأمن القومي مثل الحالات التي تنطوي على استخدام العنف أو الدعوة إليه؛ و
  • وضع التركيز بوجه خاص، في التبليغ السنوي للكونجرس بشأن حقوق الإنسان والحرية الدينية، وعلى التقدم الذي حققته الحكومة المصرية في حماية الأقليات الدينية، ومقاضاة مرتكبي العنف الطائفي، وقدرة المنظمات غير الحكومية المصرية لتلقي التمويل الخارجي من المصادر بما فيها حكومة الولايات المتحدة. 

بيان المعارضة من قبل نائب الرئيس جيمس زغبي: 

توصي اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) في هذا التقرير أنه على وزارة الخارجية تصنيف مصر على أنها “دولة تثير قلقا خاصا” (CPC). أنا لا أوافق بشدة. هذه توصية خاطئة، وموجهة للبلد الخطأ، في الوقت الخطأ. 

في حين أن الحالة العامة لحقوق الإنسان في مصر تبعث على الأسى وتبعث على القلق، لا يمكن أن يقال نفس الكلام عن الوضع القانوني للحرية الدينية في البلاد. إن مسائل القمع السياسي والأفعال الخارجة عن نطاق السيطرة للسلطة القضائية المفرطة، على الرغم من جديتها تماما، هي خارج نطاق لجنتنا ما لم تؤثر بشكل مباشر قضايا الحرية الدينية. 

كما لوحظ في الجمل الافتتاحية لتقرير اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF)، فعندما يتعلق الأمر بالمسائل الحرية الدينية، فقد حدثت تطورات كبيرة في مصر خلال العام الماضي. قام الرئيس السيسي بالتواصل الغير مسبوق للمسيحيين الأقباط للتأكيد على أنهم “مواطنون متساوون”، واعدا لحماية حقوقهم. ودعا كل من الرئيس وشيخ الأزهر إلى “ثورة في الإسلام” من أجل المساعدة في القضاء على التطرف. حتى في الوقت الراهن يتم إجراء تغييرات جوهرية في المواد التعليمية في مصر، وتبذل الجهود للحد من قدرة المتطرفين لكسب التجمعات من الأتباع. وعلاوة على ذلك، فلقد قال زعماء الأقباط الذين تحدثتأنا معهم أنهم يشعرون بأمان أكثر مما شعروه منذ وقت طويل. 

يشمل التقرير المذكور عددا من القضايا والتهم الأخرى الموجهة مصر. بعضها خطيرة، لكنها لا تصل إلى مستوى “منهجي، مستمر، وفاضح” المطلوب لإعلان مصر دولة تثير قلقا خاصا. في ضوء هذه التطورات الإيجابية، فإنه ببساطة من الغير منطقي أن تطلب اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) من وزارة الخارجية لوصم مصر الآن بتصنيفها دولة تثير قلقا خاصا في حين لم لم تفعل وزارة الخارجية ذلك من ذي قبل. 

التحديات التي تواجه الحكومة المصرية في هذا الوقت هي: هزيمة التهديد الإرهابي التي تواجهها، وكبح جماح السلطة القضائية، واستعادة حقوق المجتمع المدني، وتنمية الاقتصاد، والتحرك بسرعة لاستكمال “خريطة الطريق” خاصتها من خلال انتخاب برلمان جديد. وهذا سيخدم تعزيز الحرية الدينية عوضا عن فرض عقوبات بتوقيت سيء وغير مبرر الذي قد ينجم عن تصنيفها دولة تثير قلقا خاصا. 

بيان إضافي للمفوضين اريك شوارتز وتوماس ريس، (SJ):

امتنعنا عن التصويت في اللجنة لحث وزارة الخارجية لتعيين مصر كدولة تثير قلقا خاصا. نحن لا نشكك في ما إذا كانت هنالك انتهاكات ضد الحرية الدينية ولا تزال خطيرة وكبيرة، أو حتى ما إذا كان التعيين كدولة تثير قلقا خاصا يمكن الدفاع عنه قانونا. ولكن من خلال تصرفاتها، تحث اللجنة وزارة الخارجية لفرض مقياس إدانة جديد على مصر لانتهاكات الحرية الدينية، وبالتالي ترسل إشارة التي يمكن الاستدلال على أنها تعني أننا نعتقد أن وضع الحرية الدينية يتدهور. فإن ذلك يعكس لنا كتوقيت غريب كي تقوم وزارة الخارجية بإرسال مثل هذه الرسالة، في ضوء حقيقة الذي أدلى به الرئيس السيسي بحسب اللجنة، من “التصريحات والإيماءات العامة المهمة”، لدعم التسامح الديني، وفي الوقت الذي “استهدف الهجمات الطائفية،” مرة أخرى بحسب منطقتنا، قد تضاءلت بالمقارنة مع العام الماضي. إننا نعتقد أن التطورات الأخيرة جعلت من الممكن للجنة أن ترجئ تقديم توصية دولة تثير قلقا خاصا إلى وزارة الخارجية، وهذا ما كنا نفضل. دعونا نكون واضحين بأننا لسنا من المشجعين لنظام السيسي، الذي يعتبر مذنبا بارتكاب انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان التي تستحق أشد الإدانة. ولكننا أيضا لسنا من المشجعين على تقديم توصيات، إذا نفذت، ستخاطر في إرسال رسالة مربكة وتأتي بنتائج عكسية. وبطبيعة الحال، سوف نستمر في مراقبة الوضع في مصر ونأمل أن نرى التحسينات. وفي حال تتدهور الأوضاع، فإننا سنكون على استعداد لإعادة النظر في موقفنا.